الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خلع ]

                                                          خلع : خلع الشيء يخلعه خلعا واختلعه : كنزعه إلا أن في الخلع مهلة ، وسوى بعضهم بين الخلع والنزع . وخلع النعل والثوب والرداء يخلعه خلعا : جرده . والخلعة من الثياب : ما خلعته فطرحته على آخر أو لم تطرحه . وكل ثوب تخلعه عنك - خلعة ؛ وخلع عليه خلعة . وفي حديث كعب : إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة ؛ أي أخرج منه جميعه وأتصدق به وأعرى منه كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه . وخلع قائده خلعا : أذاله . وخلع الربقة عن عنقه : نقض عهده . وتخالع القوم : نقضوا الحلف والعهد بينهم . وفي الحديث : من خلع يدا من طاعة لقي الله لا حجة له ؛ أي من خرج من طاعة سلطانه وعدا عليه بالشر ؛ قال ابن الأثير : هو من خلعت الثوب إذا ألقيته عنك ، شبه الطاعة واشتمالها على الإنسان به وخص اليد لأن المعاهدة والمعاقدة بها . وخلع دابته يخلعها خلعا وخلعها : أطلقها من قيدها ، وكذلك خلع قيده ؛ قال :


                                                          وكل أناس قاربوا قيد فحلهم ونحن خلعنا قيده فهو سارب



                                                          وخلع عذاره : ألقاه عن نفسه فعاد بشر ، وهو على المثل بذلك . وخلع امرأته خلعا ، بالضم ، وخلاعا فاختلعت وخالعته : أزالها عن نفسه وطلقها على بذل منها له ، فهي خالع ، والاسم الخلعة ، وقد تخالعا واختلعت منه اختلاعا فهي مختلعة ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          مولعات بهات هات فإن شف     فر مال أردن منك الخلاعا



                                                          شفر مال : قل . قال أبو منصور : خلع امرأته وخالعها إذا افتدت منه بمالها فطلقها وأبانها من نفسه ، وسمي ذلك الفراق خلعا لأن الله تعالى جعل النساء لباسا للرجال ، والرجال لباسا لهن ، فقال : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ؛ وهي ضجيعه وضجيعته فإذا افتدت المرأة بمال تعطيه لزوجها ليبينها منه فأجابها إلى ذلك ، فقد بانت منه وخلع كل واحد منهما لباس صاحبه ، والاسم من كل ذلك الخلع ، والمصدر الخلع ، فهذا معنى الخلع عند الفقهاء . وفي الحديث : المختلعات هن المنافقات ؛ يعني اللاتي يطلبن الخلع والطلاق من أزواجهن بغير عذر ؛ قال ابن الأثير : وفائدة الخلع إبطال الرجعة إلا بعقد جديد ، وفيه عند الشافعي خلاف هل هو فسخ أو طلاق ، وقد يسمى الخلع طلاقا . وفي حديث عمر - رضي الله عنه : أن امرأة نشزت على زوجها فقال له عمر : اخلعها أي طلقها واتركها . والخولع : المقامر المجدود الذي يقمر أبدا . والمخالع : المقامر ؛ قال الخراز بن عمرو يخاطب امرأته :


                                                          إن الرزية ما ألاك إذا هر     المخالع أقدح اليسر



                                                          فهو المقامر لأنه يقمر خلعته . وقوله هر أي كره . والمخلوع : المقمور ماله ؛ قال الشاعر يصف جملا :


                                                          يعز على الطريق بمنكبيه     كما ابترك الخليع على القداح



                                                          يقول : يغلب هذا الجمل الإبل على لزوم الطريق ، فشبه حرصه على لزوم الطريق وإلحاحه على السير بحرص هذا الخليع على الضرب بالقداح لعله يسترجع بعض ما ذهب من ماله . والخليع : المخلوع المقمور ماله . وخلعه : أزاله . ورجل خليع : مخلوع عن نفسه ، وقيل : هو المخلوع من كل شيء ، والجمع خلعاء كما قالوا قبيل وقبلاء . وغلام خليع بين الخلاعة ، بالفتح : وهو الذي قد خلعه أهله ، فإن جنى لم يطالبوا بجنايته . والخولع : الغلام الكثير الجنايات مثل الخليع . والخليع : الرجل يجني الجنايات يؤخذ بها أولياؤه فيتبرءون منه ومن جنايته ويقولون : إنا خلعنا فلانا فلا نأخذ أحدا بجناية تجنى عليه ، ولا نؤاخذ بجناياته التي يجنيها ، وكان يسمى في الجاهلية الخليع . وفي حديث عثمان : أنه كان إذا أتي بالرجل قد تخلع في الشراب المسكر جلده ثمانين ؛ هو الذي انهمك في الشراب ولازمه ليلا ونهارا كأنه خلع رسنه وأعطى نفسه هواها . وفي حديث ابن الصبغاء : وكان رجل منهم خليع ؛ أي مستهتر بالشرب واللهو ، هو من الخليع الشاطر الخبيث الذي خلعته عشيرته وتبرءوا منه . ويقال : خلع من الدين والحياء ، وقوم خلعاء بينو الخلاعة . وفي الحديث : وقد كانت هذيل خلعوا خليعا لهم في الجاهلية ؛ قال ابن الأثير : كانوا يتعاهدون ويتعاقدون على النصرة والإعانة وأن يؤخذ كل واحد منهم بالآخر ، فإذا أرادوا أن يتبرءوا من إنسان قد حالفوه أظهروا ذلك للناس وسموا ذلك الفعل خلعا والمتبرأ منه خليعا أي مخلوعا فلا يؤخذون بجنايته ولا يؤخذ بجنايتهم ، فكأنهم خلعوا اليمين التي كانوا لبسوها معه وسموه خلعا وخليعا مجازا واتساعا ، وبه يسمى الإمام والأمير إذا عزل خليعا ، لأنه قد لبس الخلافة والإمارة ثم خلعها ؛ ومنه حديث عثمان - رضي الله عنه - قال له : إن الله سيقمصك قميصا وإنك تلاص على خلعه ؛ أراد الخلافة وتركها والخروج منها . وخلع خلاعة فهو خليع : تباعد . والخليع : الشاطر وهو منه ، والأنثى بالهاء . ويقال للشاطر : خليع لأنه خلع رسنه . والخليع : الصياد لانفراده . والخليع : الذئب . والخليع : الغول . والخليع : الملازم للقمار . والخليع : القدح الفائز أولا ، وقيل : هو الذي لا يفوز أولا ؛ عن كراع ، وجمعه خلعة . والخلاع والخيلع والخولع : كالخبل والجنون يصيب الإنسان ، وقيل : هو فزع يبقى في الفؤاد يكاد يعتري منه الوسواس ، وقيل : الضعف والفزع ؛ قال جرير :


                                                          لا يعجبنك أن ترى بمجاشع     جلد الرجال وفي الفؤاد الخولع



                                                          والخولع : الأحمق . ورجل مخلوع الفؤاد إذا كان فزعا . وفي الحديث : من شر ما أعطي الرجل شح هالع وجبن خالع أي شديد كأنه يخلع فؤاده من شدة خوفه ؛ قال ابن الأثير : وهو مجاز في الخلع ، والمراد به ما يعرض من نوازع الأفكار وضعف القلب عند الخوف . والخولع : داء يأخذ الفصال . والمخلع : الذي كأن به هبتة أو مسا . وفي التهذيب : المخلع من الناس ، فخصص . ورجل مخلع وخيلع : ضعيف ، وفيه خلعة أي ضعف . والمخلع من الشعر : مفعولن في [ ص: 131 ] الضرب السادس من البسيط مشتق منه ، سمي بذلك لأنه خلعت أوتاده في ضربه وعروضه ، لأن أصله مستفعلن مستفعلن في العروض والضرب ، فقد حذف منه جزآن ؛ لأن أصله ثمانية ، وفي الجزأين وتدان وقد حذفت من مستفعلن نونه فقطع هذان الوتدان فذهب من البيت وتدان ، فكأن البيت خلع إلا أن اسم التخليع لحقه بقطع نون مستفعلن ، لأنهما من البيت كاليدين ، فكأنهما يدان خلعتا منه ، ولما نقل مستفعلن بالقطع إلى مفعولن بقي وزنه ، مثل قوله :


                                                          ما هيج الشوق من أطلال     أضحت قفارا كوحي الواحي



                                                          فسمي هذا الوزن مخلعا ؛ والبيت الذي أورده الأزهري في هذا الموضع هو بيت الأسود :


                                                          ماذا وقوفي على رسم عفا     مخلولق دارس مستعجم



                                                          وقال : المخلع من العروض ضرب من البسيط وأورده . ويقال : أصابه في بعض أعضائه بينونة ، وهو زوال المفاصل من غير بينونة . والتخلع : التفكك في المشية ، وتخلع في مشيه : هز منكبيه ويديه وأشار بهما . ورجل مخلع الأليتين إذا كان منفكهما . والخلع والخلع : زوال المفصل من اليد أو الرجل من غير بينونة . وخلع أوصاله : أزالها . وثوب خليع : خلق . والخالع : داء يأخذ في عرقوب الناقة . وبعير خالع : لا يقدر أن يثور إذا جلس الرجل على غراب وركه ، وقيل : إنما ذلك لانخلاع عصبة عرقوبه . ويقال : خلع الشيخ إذا أصابه الخالع ، وهو التواء العرقوب ؛ قال الراجز :


                                                          وجرة تنشصها فتنتشص     من خالع يدركه فتهتبص



                                                          الجرة : خشبة يثقل بها حبالة الصائد فإذا نشب فيها الصيد أثقلته . وخلع الزرع خلاعة : أسفى . يقال : خلع الزرع يخلع خلاعة إذا أسفى السنبل ، فهو خالع . وأخلع : صار فيه الحب . وبسرة خالع وخالعة : نضيجة ، وقيل : الخالع بغير هاء البسرة إذا نضجت كلها . والخالع من الرطب : المنسبت . وخلع الشيح خلعا : أورق ، وكذلك العضاه . وخلع : سقط ورقه ، وقيل : الخالع من العضاه الذي لا يسقط ورقه أبدا . والخالع من الشجر : الهشيم الساقط . وخلع الشجر إذا أنبت ورقا طريا . والخلع : القديد المشوي ، وقيل : القديد يشوى واللحم يطبخ ويجعل في وعاء بإهالته . والخلع : لحم يطبخ بالتوابل ، وقيل : يؤخذ من العظام ويطبخ ويبزر ثم يجعل في القرف ، وهو وعاء من جلد ، ويتزود به في الأسفار . والخولع : الهبيد حين يهبد حتى يخرج سمنه ثم يصفى فينحى ويجعل عليه رضيض التمر المنزوع النوى والدقيق ، ويساط حتى يختلط ثم ينزل فيوضع فإذا برد أعيد عليه سمنه . والخولع : الحنظل المدقوق والملتوت بما يطيبه ثم يؤكل وهو المبسل . والخولع : اللحم يغلى بالخل ثم يحمل في الأسفار . والخولع : الذئب . وتخلع القوم : تسللوا وذهبوا ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


                                                          ودعا بني خلف فباتوا حوله     يتخلعون تخلع الأجمال



                                                          والخالع : الجدي . والخليع والخيلع : الغول . والخليع : اسم رجل من العرب . والخلعاء : بطن من بني عامر . والخيلع من الثياب والذئاب : لغة في الخيعل . والخيلع : الزيت ؛ عن كراع . والخيلع : القبة من الأدم ، وقيل : الخيلع الأدم عامة ؛ قال رؤبة :


                                                          نفضا كنفض الريح تلقي الخيلعا



                                                          وقال رجل من كلب :


                                                          ما زلت أضربه وأدعو مالكا     حتى تركت ثيابه كالخيلع



                                                          والخلعلع : من أسماء الضباع ؛ عنه أيضا . والخلعة : خيار المال ؛ وينشد بيت جرير :


                                                          من شاء بايعته مالي وخلعته     ما تكمل التيم في ديوانهم سطرا



                                                          وخلعة المال وخلعته : خياره . قال أبو سعيد : وسمي خيار المال خلعة وخلعة ؛ لأنه يخلع قلب الناظر إليه ؛ أنشد الزجاج :


                                                          وكانت خلعة دهسا صفايا     يصور عنوقها أحوى زنيم



                                                          يعني المعزى أنها كانت خيارا . وخلعة ماله : مخرته . وخلع الوالي أي عزل . وخلع الغلام : كبر زبه . أبو عمرو : الخيعل قميص لا كمي له . قال الأزهري : وقد يقلب فيقال خيلع . وفي نوادر الأعراب : اختلعوا فلانا : أخذوا ماله .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية