الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء أن الحنطة بالحنطة مثلا بمثل كراهيةالتفاضل فيه

                                                                                                          1240 حدثنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الذهب بالذهب مثلا بمثل والفضة بالفضة مثلا بمثل والتمر بالتمر مثلا بمثل والبر بالبر مثلا بمثل والملح بالملح مثلا بمثل والشعير بالشعير مثلا بمثل فمن زاد أو ازداد فقد أربى بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد وبيعوا البر بالتمر كيف شئتم يدا بيد وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يدا بيد قال وفي الباب عن أبي سعيد وأبي هريرة وبلال وأنس قال أبو عيسى حديث عبادة حديث حسن صحيح وقد روى بعضهم هذا الحديث عن خالد بهذا الإسناد وقال بيعوا البر بالشعير كيف شئتم يدا بيد وروى بعضهم هذا الحديث عن خالد عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وزاد فيه قال خالد قال أبو قلابة بيعوا البر بالشعير كيف شئتم فذكر الحديث والعمل على هذا عند أهل العلم لا يرون أن يباع البر بالبر إلا مثلا بمثل والشعير بالشعير إلا مثلا بمثل فإذا اختلف الأصناف فلا بأس أن يباع متفاضلا إذا كان يدا بيد وهذا قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحق قال الشافعي والحجة في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم بيعوا الشعير بالبر كيف شئتم يدا بيد قال أبو عيسى وقد كره قوم من أهل العلم أن تباع الحنطة بالشعير إلا مثلا بمثل وهو قول مالك بن أنس والقول الأول أصح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( الذهب بالذهب ) بالرفع على تقدير : يباع ، وبالنصب على تقدير بيعوا ( فمن زاد ) أي : أعطى الزيادة ( أو ازداد ) أي : طلب الزيادة ( فقد أربى ) أي : أوقع نفسه في الربا ، وقال التوربشتي أي : أتى الربا وتعاطاه ، ومعنى اللفظ أخذ أكثر مما أعطاه من ربا الشيء يربو إذا زاد . ( بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد ) أي : حالا مقبوضا في المجلس قبل افتراق أحدهما عن الآخر ، وفي رواية مسلم فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد . قوله : ( وفي الباب عن أبي سعيد ) مرفوعا بلفظ : الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلا بمثل ، يدا بيد ، فمن زاد أو استزاد فقال أربى الآخذ والمعطي فيه سواء أخرجه مسلم ( وأبي هريرة ) أخرجه مسلم ( وبلال ) أخرجه البزار في مسنده ، كذا في نصب الراية . قوله : ( حديث عبادة حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة إلا البخاري . قوله : [ ص: 368 ] ( وهو قول مالك بن أنس ) وهو قول الليث والأوزاعي ، وحجتهم أن الحنطة والشعير هما صنف واحد ( والقول الأول ) وهو أن الحنطة والشعير صنفان يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا ، وهو قول الجمهور ( أصح ) من القول الثاني ؛ لأنه يدل على القول الأول قوله صلى الله عليه وسلم : " بيعوا البر بالشعير كيف شئتم " وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمر عند البخاري ، وغيره : " البر بالبر ربا إلا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء " وقال الحافظ في الفتح واستدل به على أن البر والشعير صنفان ، وهو قول الجمهور وخالف في ذلك مالك والليث والأوزاعي فقالوا هما صنف واحد . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية