الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ( 18 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ( إنما يعمر مساجد الله ) ، المصدق بوحدانية الله ، المخلص له العبادة ( واليوم الآخر ) ، يقول : الذي يصدق ببعث الله الموتى أحياء من قبورهم يوم القيامة ( وأقام الصلاة ) ، المكتوبة ، بحدودها وأدى الزكاة الواجبة عليه في ماله إلى من أوجبها الله له ( ولم يخش إلا الله ) ، يقول : ولم يرهب عقوبة شيء على معصيته إياه ، سوى الله ( فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) ، يقول : فخليق بأولئك الذين هذه صفتهم ، أن يكونوا عند الله ممن قد هداه الله للحق وإصابة الصواب .

16555 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ) ، يقول : من وحد الله ، وآمن باليوم الآخر . يقول : أقر بما أنزل [ ص: 168 ] الله ( وأقام الصلاة ) ، يعني الصلوات الخمس ( ولم يخش إلا الله ) ، يقول : ثم لم يعبد إلا الله قال : ( فعسى أولئك ) ، يقول : إن أولئك هم المفلحون ، كقوله لنبيه : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) ، [ سورة الإسراء : 79 ] : يقول : إن ربك سيبعثك مقاما محمودا ، وهي الشفاعة ، وكل "عسى" ، في القرآن فهي واجبة .

16556 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : ثم ذكر قول قريش : إنا أهل الحرم ، وسقاة الحاج ، وعمار هذا البيت ، ولا أحد أفضل منا! فقال : ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ) ، أي : إن عمارتكم ليست على ذلك ، ( إنما يعمر مساجد الله ) ، أي : من عمرها بحقها ( من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله ) فأولئك عمارها ( فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) ، و"عسى" من الله حق .

التالي السابق


الخدمات العلمية