الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها :

أنه عزل ابن مهدويه عن كتابه الزمام وولي مكانه أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة وورد الخبر أن بزبه راسل شحنة أصبهان فاستماله ورحل إليها ومعه محمد شاه وكان السلطان مسعود مقيما بهمذان وعساكره قليلة فأرسل إلى عساكر آذربيجان فتأخروا عنه فسار بزبه من أصبهان سيرا يمهل فيه فلما قاربها وصلت عساكر آذربيجان إلى السلطان وكان بزبه قد جاء جريدة في خمسة آلاف فارس فضرب على عسكر السلطان فكسر الميمنة والميسرة وكان مسعود قد تأخر عن المصاف في ألف فارس وكان عسكره عشرة آلاف فاشتغل عسكر بزبه بالنهب والقتل فجاء مسعود فحمل عليهم فالتقى هو وبزبه فكبت الفرس ببزبة فوقع فجيء به إلى مسعود فقطع نصفين وجيء برأسه فعلق بإزاء دار الخلافة وعلقت بغداد واستولى خاص بك على دولة السلطان مسعود فأهلك جماعة من الأمراء فاستشعر الباقون منه .

وفي صفر : شاع أن رجلا رأى في المنام أنه من زار قبر أحمد بن حنبل غفر له ، فما بقي خاص ولا عام إلا وزار ، وعقدت يومئذ مجلسا فحضر ألوف لا يحصون .

وعزل أبو نصر بن جهير في ربيع الأول من هذه السنة عن الوزارة ، وسكن بالدار التي بناها بشاطئ دجلة بباب الأزج ، وهي التي آل أمرها إلى أن صارت ملكا [ ص: 56 ] لجهة الإمام المستضيء بأمر الله فوقفتها مدرسة لأصحاب أحمد بن حنبل وسلمتها إلي فدرست فيها سنة سبعين .

وفي ربيع الآخر : منع الغزنوي من الجلوس في جامع القصر ورفع كرسيه .

وفي جمادى الأولى : ولي الوزارة أبو القاسم علي بن صدقة بن علي بن صدقة نقلا عن المخزن إليها فدخل إلى المقتفي ومعه قاضي القضاة الزينبي وأستاذ الدار وجملة من الخواص وقلده الوزارة شفاها ، وخلع عليه ومضى إلى الديوان [يوم السبت ] ثالث عشر جمادى الأولى وقرأ ابن الأنباري كاتب الإنشاء عهده .

وفي هذا الشهر : أذن للغزنوي في العود إلى الجلوس بالجامع وقدم ابن العبادي برسالة السلطان إلى الخليفة بتولية الأمير أبي المظفر فخرج الخلق للقائه ولم يبق سوى الوزير وقبل العتبة ، ومضى إلى رباط الغزنوي .

وفي يوم السبت الثالث والعشرين من جمادى الآخرة : ولي يحيى بن جعفر المخزن ولقب زعيم الدين ، وورد سلاركرد إلى شحنة بغداد ومعه مكتوب من السلطان مسعود إليه وإلى العساكر بمساعدته على أخذ البلاد الزيدية من علي بن دبيس وتسليمها إليه فخرجوا [في رجب والتقوا ] فاقتتلوا واندفع علي بن دبيس إلى ناحية واسط ثم قصد العراق ثم عاد فملك الحلة .

وفي يوم الأربعاء سابع عشر شوال : جلس أبو الوفاء يحيى بن سعيد المعروف بابن المرخم في داره بدرب الشاكرية في الدست الكامل ، وسمع البينة وحضر مجلسه شهود بغداد والمديرون والوكلاء واستقر جلوسه في كل يوم أربعاء وأخذ على عادة كانت للقاضي الهروي . وكان أبو الوفاء بئس الحاكم يأخذ الرشا ويبطل الحقوق .

[ ص: 57 ] وتزايدت الأسعار حتى بلغ الكر الشعير أربعين دينارا والحنطة ثمانين فنادى الشحنة أن لا تباع الكارة الدقيق إلا بدينار فهرب الناس وغلقوا الدكاكين وعدم الخبز أربعة أيام فبقي الأمر كذلك شهرا ثم تراخى السعر .

وفي رمضان هرب إسماعيل بن المستظهر أخو الخليفة من داره إلى ظاهر البلد وبقي يومين نقب من الموضع ، وأخرج بزي المشائية على رأسه سلة ، وبيده قدح على وجه التفرج فانزعج البلد فخشي أن يعود فاختبأ عند قوم بباب الأزج فأعلموا به فجاء أستاذ الدار وحاجب الباب وخدم فردوه .

وحج الناس ولم يزوروا قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرا من قلة الماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية