الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              الباب الخامس : في الاستثناء ، والشرط ، والتقييد بعد الإطلاق

              الفصل الأول : في حقيقة الاستثناء

              الكلام في الاستثناء ، والنظر في حقيقته وحده ، ثم في شرطه ، ثم في تعقب الجمل المترادفة فهذه ثلاثة فصول .

              الفصل الأول : في حقيقة الاستثناء . وصيغه معروفة ، وهي : " إلا " ، " وعدا " ، " وحاشا " ، " وسوى " ، وما جرى مجراها ، وأم الباب " إلا " ، وحده أنه قول ذو صيغ مخصوصة محصورة دال على أن المذكور فيه لم يرد بالقول الأول ، ففيه احتراز عن أدلة التخصيص ; لأنها قد لا تكون قولا ، وتكون فعلا ، وقرينة ، ودليل عقل ، فإن كان قولا فلا تنحصر صيغه . واحترزنا بقولنا ذو صيغ محصورة " عن قوله : رأيت المؤمنين ، ولم أر زيدا ، فإن العرب لا تسميه استثناء ، وإن أفاد ما يفيده قوله : إلا زيدا . ويفارق الاستثناء التخصيص في أنه يشترط اتصاله ، وأنه يتطرق إلى الظاهر ، والنص جميعا ، إذ يجوز أن يقول : عشرة إلا ثلاثة ، كما يقول : اقتلوا المشركين إلا زيدا ، والتخصيص لا يتطرق إلى النص أصلا ، وفيه احتراز عن النسخ إذ هو رفع ، وقطع ، وفرق بين النسخ ، والاستثناء ، والتخصيص أن النسخ رفع لما دخل تحت اللفظ ، والاستثناء يدخل على الكلام ، فيمنع أن يدخل تحت اللفظ ما كان يدخل لولاه ، والتخصيص يبين كون اللفظ قاصرا عن البعض ; فالنسخ قطع ، ورفع ، والاستثناء رفع ، والتخصيص بيان ، وسيأتي لهذا مزيد تحقيق في فصل الشرط إن شاء الله .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية