الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2213 - مسألة : هل يصلي الإمام وغيره على المرجوم أم لا ؟ قال أبو محمد رحمه الله : نا عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج نا محمد بن المثنى نا عبد الأعلى نا داود عن أبي نضرة { عن أبي سعيد الخدري أن رجلا من أسلم يقال له ماعز بن مالك رجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث - ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا من العشي فقال : أوكلما انطلقنا غزاة في سبيل الله تخلف رجل في عيالنا له نبيب كنبيب التيس ، على أن لا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به قال : فما استغفر له ولا سبه } .

                                                                                                                                                                                          حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق نا ابن جريج [ ص: 189 ] أخبرني عبد الله بن أبي بكر أخبرني أيوب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم أمر بماعز يرجم فطول الأوليين من الظهر حتى كاد الناس يعجزون عنها من طول القيام ، فلما انصرف أمر به فرجم ، فلم يقتل حتى رماه عمر بن الخطاب بلحي بعير فأصاب رأسه فقتله ، فقال رجل لماعز حين فاضت نفسه : أتصلي عليه يا رسول الله ؟ قال : لا ، فلما كان الغد صلى الظهر فطول الركعتين الأولتين كما طولهما بالأمس ، أو أخر بأشياء ، فلما انصرف قال : صلوا على صاحبكم فصلى عليه النبي عليه السلام والناس } .

                                                                                                                                                                                          حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله { أن رجلا من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنى فأعرض - فذكر الحديث ، وفيه - فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فرجم بالمصلى ، فلما أذلقته الحجارة فر فأدرك فرجم حتى مات ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا ولم يصل عليه } .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد رحمه الله : فذهب إلى هذا قوم فقالوا : لا يصلي عليه الإمام ويصلي عليه غيره - وذهب آخرون إلى أن الإمام يصلي على المرجوم والمرجومة كسائر الموتى ولا فرق .

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق البخاري نا محمود نا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر قال { إن رجلا من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنى فأعرض عنه حتى شهد على نفسه أربع مرات - فذكر الحديث وفيه - فأمر به فرجم بالمصلى فلما أذلقته الحجارة فر فأدرك فرجم حتى مات ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا وصلى عليه } .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد رحمه الله : فهذا مما اختلف فيه محمود بن غيلان ، وإسحاق بن إبراهيم الدبري على عبد الرزاق ، فرواية الدبري عنه في هذا الخبر " ولم يصل عليه " ورواية محمود عنه في هذا الخبر " وصلى عليه " فالله أعلم أيهما وهم ؟

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم نا محمد بن عبد الله بن نمير نا أبي نا عبد الله بن بريدة عن أبيه [ ص: 190 ] فذكر حديث { الغامدية وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس فرجموها ، ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم نا أبو غسان المسمعي نا معاذ - يعني ابن هاشم الدستوائي - ني أبي عن يحيى بن أبي كثير ني أبو قلابة أن أبا المهلب حدثه عن عمران بن الحصين { أن امرأة من جهينة أتت نبي الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى وذكر الحديث - وفيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها ، فقال له عمر بن الخطاب : أتصلي عليها يا نبي الله وقد زنت ؟ قال : لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ، وهل وجدت بأفضل من أن جادت بنفسها لله ؟ } .

                                                                                                                                                                                          ففي هذه الآثار صلاة رسول الله على الجهينية بنفسه بلا خلاف ، وأمره بالصلاة على الغامدية بلا خلاف ، وصلاته على ماعز - رضي الله عنه - باختلاف ، وهذه الآثار في غاية الصحة - وبهذا يقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - رجم شراحة فقالوا : كيف نصنع بها ؟ قال : اصنعوا بها كما تصنعون بنسائكم إذا متن في بيوتكم ؟ قال أبو محمد رحمه الله : والذي نصنع بنسائنا إذا متن في بيوتنا هو أن يغسلن ويكفن ويصلي عليهن الإمام وغيره - هذا ما لا خلاف فيه من أحد من الأمة - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية