الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء فيمن يخدع في البيع

                                                                                                          1250 حدثنا يوسف بن حماد البصري حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن أنس أن رجلا كان في عقدته ضعف وكان يبايع وأن أهله أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله احجر عليه فدعاه نبي الله صلى الله عليه وسلم فنهاه فقال يا رسول الله إني لا أصبر عن البيع فقال إذا بايعت فقل هاء وهاء ولا خلابة قال أبو عيسى وفي الباب عن ابن عمر وحديث أنس حديث حسن صحيح غريب والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم وقالوا الحجر على الرجل الحر في البيع والشراء إذا كان ضعيف العقل وهو قول أحمد وإسحق ولم ير بعضهم أن يحجر على الحر البالغ

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أن رجلا كان في عقدته ) قال في النهاية أي : في رأيه ونظره في مصالح نفسه . انتهى ، وكان اسم ذلك الرجل حبان بن منقذ بفتح الحاء المهملة والموحدة الثقيلة ( ضعف ) أي : كان [ ص: 380 ] ضعيف العقل والرأي ( احجر عليه ) بضم الجيم : أمر من الحجر ، وهو المنع من التصرف ، ومنه : حجر القاضي على الصغير والسفيه إذا منعهما من التصرف من مالهما ، كذا في النهاية ( فنهاه ) أي : عن المبايعة ( فقل هاء وهاء ) تقدم ضبطه وتفسيره في باب الصرف ( ولا خلابة ) بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام أي : لا خديعة ، ولا لنفي الجنس ، أي : لا خديعة في الدين ؛ لأن الدين النصيحة ، قال النووي : واختلف العلماء في هذا الحديث فجعله بعضهم خاصا في حقه ، وأن المغابنة بين المتبايعين لازمة ، لا خيار للمغبون بسببها سواء قلت ، أو كثرت ، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وآخرين ، وهي أصح الروايتين عن مالك ، وقال البغداديون من المالكية : للمغبون الخيار لهذا الحديث بشرط أن يبلغ الغبن ثلث القيمة ، فإن كان دونه فلا ، والصحيح الأول ؛ لأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت له الخيار ، وإنما قال له : قل لا خلابة أي : لا خديعة ، ولا يلزم من هذا ثبوت الخيار ، و لأنه لو ثبت ، أو أثبت له الخيار كانت قضية عين لا عموم لها فلا ينفذ منه إلى غيره إلا بدليل . انتهى . قوله : ( وفي الباب عن ابن عمر ) أخرجه الشيخان ، وأبو داود ، والنسائي . قوله : ( حديث أنس حديث حسن صحيح غريب ) وأخرجه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه وسكت عنه أبو داود والمنذري . قوله : ( والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم ، وقالوا الحجر على الرجل الحر إلخ ) واستدلوا بحديث أنس المذكور ، وجه الاستدلال أن أهل ذلك الرجل الذي كان في عقدته ضعف لما قالوا : يا رسول الله احجر عليه ، لم ينكر عليهم فلو كان الحجر على الحر البالغ لا يصح لأنكر عليهم ، واستدل أيضا بهذا الحديث من لم يقل بالحجر على الحر البالغ بأنه صلى الله عليه وسلم لم يحجر على ذلك الرجل ، فلو كان الحجر على الحر البالغ جائزا لحجر على ذلك ومنعه من البيع ، فتأمل .




                                                                                                          الخدمات العلمية