الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى حكى عن الكفار فيما تقدم أنهم قالوا : ( لولا أنزل عليه آية من ربه ) [ يونس : 20 ] وذكر الله تعالى في جوابهم ما تقدم من الوجوه الكثيرة ثم ذكر هذه الآية والمقصود منها أن الأنبياء والرسل بعثوا مبشرين ومنذرين ، ولا قدرة لهم على إظهار الآيات وإنزال المعجزات ، بل ذاك مفوض إلى مشيئة الله تعالى وكلمته وحكمته فقال : ( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ) مبشرين بالثواب على الطاعات ، ومنذرين بالعقاب على المعاصي ، فمن قبل قولهم وأتى بالإيمان الذي هو عمل القلب والإصلاح الذي هو عمل الجسد ( فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب ) ومعنى المس في اللغة التقاء الشيئين من غير فصل . قال القاضي : إنه تعالى علل عذاب الكفار بكونهم فاسقين ، وهذا يقتضي أن يكون كل فاسق كذلك ، فيقال له : هذا معارض بما أنه خص الذين كذبوا بآيات الله بهذا الوعيد ، وهذا يدل على أن من لم يكن مكذبا بآيات الله أن لا يلحقه الوعيد أصلا . وأيضا فهذا يقتضي كون هذا الوعيد معللا بفسقهم فلم قلتم أن فسق من عرف الله وأقر بالتوحيد والنبوة والمعاد ، مساو لفسق من أنكر هذه الأشياء ؟ والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية