الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (14) قوله : ثم خلقنا النطفة علقة : وما بعدها. ضمن "خلق" معنى جعل التصييرية فتعدت لاثنين كما تضمن جعل معنى خلق فيتعدى لواحد نحو: "وجعل الظلمات والنور".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "عظاما" قرأ العامة "عظاما" و "العظام" بالجمع فيهما. وابن عامر وأبو بكر عن عاصم "عظما" و "العظم" بالإفراد فيهما. والسلمي والأعرج والأعمش بإفراد الأول وجمع الثاني. وأبو رجاء ومجاهد وإبراهيم ابن [ ص: 323 ] أبي بكر بجمع الأول وإفراد الثاني عكس ما قبله. فالجمع على الأصل لأنه مطابق لما يراد به، والإفراد للجنس كقوله: "وهن العظم مني". وقال الزمخشري: "وضع الواحد موضع الجمع لزوال اللبس لأن الإنسان ذو عظام كثيرة". قال الشيخ: "هذا عند سيبويه وأصحابه لا يجوز إلا في ضرورة وأنشدوا:


                                                                                                                                                                                                                                      3405 - كلوا في بعض بطنكم تعفوا . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      وإن كان معلوما أن كل واحد له بطن". قلت: ومثله:


                                                                                                                                                                                                                                      3406 - لا تنكروا القتل وقد سبينا     في حلقكم عظم وقد شجينا



                                                                                                                                                                                                                                      يريد: في حلوقكم. ومثله قول الآخر:


                                                                                                                                                                                                                                      3407 - به جيف الحسرى فأما عظامها     فبيض وأما جلدها فصليب



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 324 ] يريد: جلودها، ومنه "وعلى سمعهم" وقد تقدم طرف من هذا.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "أحسن الخالقين" فيه ثلاثة أوجه. أحدها: أنه بدل من الجلالة. الثاني: أنه نعت للجلالة وهو أولى مما قبله; لأن البدل بالمشتق يقل. الثالث: أن يكون خبر مبتدأ مضمر أي: هو أحسن. والأصل عدم الإضمار. وقد منع أبو البقاء أن يكون وصفا قال: "لأنه نكرة وإن أضيف لمعرفة; لأن المضاف إليه عوض من "من" وهكذا جميع أفعل منك". قلت: وهذا بناء منه على أحد القولين في أفعل التفضيل إذا أضيف: هل إضافته محضة أم لا؟ والصحيح الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      والخالقين أي: المقدرين كقول زهير:


                                                                                                                                                                                                                                      3408 - ولأنت تفري ما خلقت وبعـ     ـض القوم يخلق ثم لا يفري



                                                                                                                                                                                                                                      [653/ب] والمميز لأفعل محذوف لدلالة المضاف إليه عليه أي: أحسن الخالقين خلقا أي: المقدرين تقديرا كقوله: "أذن للذين يقاتلون" أي: في القتال. حذف المأذون فيه لدلالة الصلة عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية