الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        قد قدمنا في قضاء صلاة العيد وغيرها من النوافل الراتبة إذا فاتت ، قولين . وتقدم الخلاف في اشتراط شرائط الجمعة فيها . فلو شهد عدلان يوم الثلاثين من رمضان قبل الزوال برؤية الهلال في الليلة الماضية ، أفطروا . فإن بقي من الوقت ما يمكن جمع الناس والصلاة فيه ، صلوها وكانت أداء . وإن شهدوا بعد غروب [ ص: 78 ] الشمس يوم الثلاثين ، لم تقبل شهادتهم ، إذ لا فائدة فيها إلا المنع من صلاة العيد ، فلا يصغى إليها ، ويصلون من الغد العيد أداء ، هكذا قال الأئمة واتفقوا عليه . وفي قولهم : لا فائدة إلا ترك صلاة العيد إشكال ، بل لثبوت الهلال فوائد أخر . كوقوع الطلاق والعتق المعلقين ، وابتداء العدة منه ، وغير ذلك ، فوجب أن نقبل ، لهذه الفوائد . ولعل مرادهم بعدم الإصغاء في صلاة العيد وجعلها فائتة ، لا عدم القبول على الإطلاق .

                                                                                                                                                                        قلت : مرادهم فيما يرجع إلى الصلاة خاصة قطعا ، فأما الحقوق والأحكام المتعلقة بالهلال ، كأجل الدين ، والعتق ، والمولى ، والعدة ، وغيرها ، فثبت قطعا . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        فلو شهدوا قبل الغروب بعد الزوال ، أو قبله بيسير ، بحيث لا يمكن فيه الصلاة ، قبلت الشهادة في الفطر قطعا ، وصارت الصلاة فائتة على المذهب ، وقيل : قولان . أحدهما : هذا . والثاني : يفعل من الغد أداء لعظم حرمتها . فإن قلنا بالمذهب ، فقضاؤها مبني على قضاء النوافل . فإن قلنا : لا تقضى ، لم يقض العيد . وإن قلنا : تقضى ، بني على أنها كالجمعة في الشرائط ، أم لا . فإن قلنا : نعم ، لم تقض ، وإلا قضيت ، وهو المذهب من حيث الجملة . وهل لهم أن يصلوها في بقية يومهم ؟ وجهان ، بناء على أن فعلها في الحادي والثلاثين أداء أم قضاء . إن قلنا : أداء ، فلا . وإن قلنا : قضاء وهو الصحيح ، جاز . ثم هل هو أفضل ، أم التأخير إلى ضحوة الغد . وجهان . أصحهما : التقديم أفضل ، هذا إذا أمكن جمع الناس في يومهم لصغر البلدة . فإن عسر ، فالتأخير أفضل قطعا . وإذا قلنا : يصلونها في الحادي والثلاثين قضاء ، فهل يجوز تأخيرها ؟ عنه قولان . وقيل : وجهان . أظهرهما : جوازه أبدا . وقيل : إنما يجوز في بقية شهر العيد . ولو شهد اثنان قبل الغروب ، وعدلا بعده ، فقولان . وقيل : وجهان . أحدهما : الاعتبار بوقت [ ص: 79 ] الشهادة ، وأظهرهما : بوقت التعديل ، فيصلون من الغد بلا خلاف أداء . هذا كله إذا وقع الاشتباه وفوات العيد لجميع الناس . فإن وقع ذلك لأفراد ، لم يجز إلا قولان ، منع القضاء وجوازه أبدا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا وافق يوم العيد يوم جمعة ، وحضر أهل القرى الذين يبلغهم النداء لصلاة العيد ، وعلموا أنهم لو انصرفوا لفاتتهم الجمعة ، فلهم أن ينصرفوا ، ويتركوا الجمعة في هذا اليوم على الصحيح المنصوص في القديم والجديد . وعلى الشاذ : عليهم الصبر للجمعة .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية