الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة ست وخمسين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها :

أنه في يوم الجمعة سابع المحرم : قطعت خطبة سليمان شاه من المنابر في الجوامع وانتشر في هذه الأيام ذكر التسنن والترفض حتى خشيت الفتنة وخرج الوزير يوم الجمعة رابع عشر المحرم بعد الصلاة من المخيم وخرج الخليفة صبيحة السبت وكان ركوبه في الماء وصعوده عند مسناة السور فركب هناك وخرجوا إلى الصيد .

وفي يوم الثلاثاء تاسع صفر : ولي ابن الثقفي قضاء القضاة مكان أبيه واستناب أخاه في الحكم وخرج التوقيع بإزالة المتعيشين الذين يجلسون على الطرقات في رحبة الجامع وغيرها وبنقض الدكاك البارزة في الأسواق التي توجب الازدحام .

وفي يوم الجمعة ثالث ربيع الأول : انتقل الوزير ابن هبيرة من الدار التي [كان ] يسكنها بجنب الديوان إلى دار ابن صدقة الوزير . [وحول قاضي القضاة ابن الدامغاني عن الدار التي سكنها بباب العامة ] فأسكنها الوزير ابنته فانتقل ابن الدامغاني إلى مدرسة التتشي .

[ ص: 147 ] وفي صبيحة السبت ربيع الأول : خرج الخليفة إلى الصيد وليس معه إلا الخواص من الغلمان وعارض الجيش ابن حمدون .

وفي ليلة الأربعاء ثاني عشرين ربيع الأول : أخرج المقتفي من الدار في الزبزب والسفن حوله بالشمع الكبار والموكبيات وجمع أرباب الدولة معه إلى الترب وكان الماء جاريا شديد الجريان فجرى له تخبيط كثير وصلوا إلى هناك بعد نصف الليل .

وفي يوم السبت ثامن عشر ربيع الأول : خرج الوزير من بيته على عادته ليمضي إلى الديوان والغلمان بين يديه وهموا برد باب المدرسة التي بناها ابن طلحة فمنعهم الفقهاء وضربوهم بالآجر فهم أصحاب الوزير بضربهم وشهروا عليهم السيوف فمنعهم الوزير ومضى إلى الديوان ثم إن الفقهاء كتبوا قصة يشكون من غلمان الوزير فوقع عليها بضرب الفقهاء وتأديبهم ونفيهم من الدار فمضى أصحاب أستاذ الدار فعاقبوهم هناك ثم أدخلهم الوزير إليه واستحلهم وأعطى كل واحد دينارا وأعيدوا إلى المدرسة بعد أن غلقت أياما واختفى أبو طالب مدرسهم ثم ظهر بعد العفو .

وأرجف في هذه الأيام بأن عسكرا قد تعلق بالبندنيجين من التركمان وأن الخليفة يريد أن ينفذ هناك عسكرا يضمهم إلى ترشك ويقاتلونهم فخرج جماعة من الأمراء في جيش كبير فاجتمعوا بترشك فلما حصل بينهم [وثبوا عليه ] فقتلوه واحتزوا رأسه وبعثوا به في مخلاة وإنما احتالوا عليه لأنهم دعوه فأبى أن يحضر وأضمر الغدر وقتل مملوكا للخليفة ودعا الوزير أولياء ذلك المقتول وقال إن أمير المؤمنين قد اقتص لأبيكم من قاتله فشكروا .

وفي يوم الاثنين حادي عشر ربيع الآخر : فتحت المدرسة التي بناها ابن الشمحل في المأمونية وجلس فيها الشيخ أبو حكيم مدرسا وحضر جماعة من الفقهاء .

[ ص: 148 ] وفي هذه الأيام : رخص السعر فبيع اللحم أربعة أرطال بقيراط وكثر البيض فبيع مائة بيضة بقيراط والعسل كل من بطسوج والخوخ كل عشرة أرطال بحبة [ونصف ] .

وفي جمادى الآخرة : جلس أبو الخير القزويني في جامع القصر وتعصب له الأشاعرة .

[وفي ثاني عشر جمادى الآخرة : مات ابن نقيب العلويين الذي كان قد تولى مكان أبيه لما مرض أبوه ] .

وفي هذه الأيام : غلظ على الناس في أمر الخراج وردت المقاطعات إلى الخراج فانطلقت الألسن باللوم للوزير لأنه كان عن رأيه .

وفي رمضان : عمل الوزير طبق الإفطار على عادته ووصلت الأخبار أن جماعة من العسكر طلبوا العرب لأخذ الأعشار منهم فامتنعت العرب فأخذ العسكر ينهبون أموالهم فعطفوا عليهم فقتلوهم وأهلك الأمراء قيصر وبلال وبهلوان ومن نجا مات عطشا في البرية فكان إماء العرب يخرجن بالماء ليسقين الجرحى فإذا أحسسن بحي يطلب الماء أجهزن عليه وكثر البكاء على القتلى ببغداد وخرج الوزير وبقية العسكر في طلب العرب .

وفي هذه الأيام : احتدت شوكة [ علاء الدين ] ابن الزينبي في أمر الحسبة فوكل بالطحانين وأخذ منهم الأموال وعزموا أن يكسروا علائق المتعيشين ويبيعوهم علائق من عندهم فمضى الناس واستغاثوا ومضى المجان إلى قبر ابن المرخم يخلقونه وكتبوا عليه من رد مجوننا علينا فرفعت يد ابن الزينبي من الحسبة . وعاد الوزير من سفره بعد أن انطردت بنو خفاجة .

[ ص: 149 ] ووقعت حادثة عجيبة لأبي بكر ابن النقور وذلك أنه غمز به إلى الديوان أن في بيته وديعة فاستدعي فسئل عنها فأنكر وكان معذورا في الإنكار لأنه لم يعلم بها إنما علم بها النسوة من أهله فوكل به ونفذ إلى بيته فأخذت الوديعة من عرضي داره كانت دنانير [في مسائن ] وكان القاضي يحيى وكيل مكة بعثها مع نسائه إلى النساء اللواتي في دار ابن النقور فسألنهن أن يعيروهن عرضي الدار ليتركوا فيه رحلا ويغلقن عليه ففعلن فدفن المال فأحست بذلك جارية في البيت فنمت وأهل البيت لا يعلمون وكان المال لبنت المنكوبرس الأمير .

التالي السابق


الخدمات العلمية