الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 256 ]

                                                                                                                                                                                                                                        ( وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ) ضرب مثل للمؤمن والكافر ، والفرات الذي يكسر العطش والسائغ الذي يسهل انحداره ، والأجاج الذي يحرق بملوحته . وقرئ «سيغ » بالتشديد و «سيغ » بالتخفيف و «ملح » على فعل . ( ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها ) استطراد في صفة البحرين وما فيهما من النعم ، أو تمام التمثيل والمعنى : كما أنهما وإن اشتركا في بعض الفوائد لا يتساويان من حيث إنهما لا يتساويان فيما هو المقصود بالذات من الماء ، فإنه خالط أحدهما ما أفسده وغيره عن كمال فطرته ، لا يتساوى المؤمن والكافر وإن اتفق اشتراكهما في بعض الصفات كالشجاعة والسخاوة لاختلافهما فيما هو الخاصية العظمى وهي بقاء أحدهما على الفطرة الأصلية دون الآخر ، أو تفضيل للأجاج على الكافر بما يشارك فيه العذب من المنافع . والمراد بـ ( الحلية ) اللآلئ واليواقيت . ( وترى الفلك فيه ) في كل . ( مواخر ) تشق الماء بجريها . ( لتبتغوا من فضله ) من فضل الله بالنقلة فيها ، واللام متعلقة بـ ( مواخر ) ، ويجوز أن تتعلق بما دل عليه الأفعال المذكورة . ( ولعلكم تشكرون ) على ذلك وحرف الترجي باعتبار ما يقتضيه ظاهر الحال .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية