الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا

                                                                                                                                                                                                                                      كلا ردع له عن التفوه بتلك العظيمة، وتنبيه على خطئه. سنكتب ما يقول أي: سنظهر أنا كتبنا قوله كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة



                                                                                                                                                                                                                                      أي: يتبين أني لم تلدني لئيمة، أو سننتقم منه انتقام من كتب جريمة الجاني وحفظها عليه، فإن نفس الكتيبة لا تكاد تتأخر عن القول لقوله عز وعلا: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد فمبنى الأول تنزيل إظهار الشيء الخفي منزلة إحداث الأمر المعدوم بجامع أن كلا منهما إخراج من الكمون إلى البروز، فيكون استعارة تبعية مبنية على تشبيه إظهار الكتابة على رءوس الأشهاد بإحداثها. ومدار الثاني تسمية الشيء باسم سببه فإن [ ص: 280 ] كتابة جريمة المجرم سبب لعقوبته قطعا. ونمد له من العذاب مدا مكان ما يدعيه لنفسه من الإمداد بالمال والولد، أي: نطول له من العذاب ما يستحقه، أو نزيد عذابه، ونضاعفه له لكفره، وافترائه على الله سبحانه، واستهزائه بآياته العظام، ولذلك أكد بالمصدر دلالة على فرط الغضب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية