الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وأنيبوا إلى ربكم الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن قتادة : وأنيبوا إلى ربكم قال : أقبلوا إلى ربكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن عبيد بن يعلى قال : الإنابة الدعاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : أن تقول نفس الآيات، قال : أخبر الله سبحانه ما العباد قائلون قبل أن يقولوه وعملهم قبل أن يعملوه . قال : ولا ينبئك مثل خبير [فاطر : 14 ]، أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين يقول : المخوفين، أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين يقول : من المهتدين، فأخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا [ ص: 682 ] على الهدى قال الله تعالى : ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون [الأنعام : 38 ]، وقال : ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة [الأنعام : 110 ] . قال : ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج آدم بن أبي إياس ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر والبيهقي في "الأسماء والصفات" عن مجاهد في قوله : على ما فرطت في جنب الله قال : في ذكر الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن قتادة أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين قال : فلم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى جعل يسخر بأهل طاعة الله، قال : هذا قول صنف منهم أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين قال : هذا قول صنف منهم آخر أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين قال : من رجعة إلى الدنيا قال : هذا صنف آخر، يقول الله ردا لقولهم وتكذيبا لهم : بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 683 ] وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول : لو أن الله هداني، فيكون عليه حسرة وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول لولا أن الله هداني . فيكون له شكرا . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما جلس قوم مجلسا لا يذكرون الله فيه إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن كانوا من أهل الجنة . فقالوا يا نبي الله وكيف؟ قال : يرون ثواب كل مجلس ذكروا الله فيه، ولا يرون ثواب ذلك المجلس فيكون عليهم حسرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري في "تاريخه" والطبراني ، وابن مردويه عن أبي بكرة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ : (بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين) . كسرهن جميعا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه والخطيب ، وابن النجار عن أم سلمة ، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ : (بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها [ ص: 684 ] واستكبرت وكنت من الكافرين) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ : (بلى قد جاءتك آياتي) بنصب الكاف، (فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين) بنصب التاء فيهن كلهن، وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم على الجماع .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية