الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3299 باب في التنفيل ، وفداء المسلمين بالأسارى

                                                                                                                              ومثله في النووي ، إلا لفظ " في ".

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 67-68 ج 12 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن إياس بن سلمة، حدثني أبي، قال: غزونا فزارة وعلينا أبو بكر. أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا. فلما كان بيننا وبين الماء ساعة، أمرنا أبو بكر فعرسنا. ثم شن الغارة، فورد الماء، فقتل من قتل عليه، وسبى. وأنظر إلى عنق من الناس فيهم الذراري فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل، فرميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلما رأوا [ ص: 20 ] السهم وقفوا. فجئت بهم أسوقهم. وفيهم امرأة من بني فزارة، عليها قشع من أدم. قال: "القشع": النطع) معها ابنة لها. من أحسن العرب. فسقتهم حتى أتيت بهم أبا بكر فنفلني أبو بكر ابنتها فقدمنا المدينة. وما كشفت لها ثوبا فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال: "يا سلمة! هب لي المرأة". فقلت: يا رسول الله! والله! لقد أعجبتني. وما كشفت لها ثوبا. ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق، فقال لي: يا سلمة! هب لي المرأة لله أبوك!" فقلت هي لك. يا رسول الله! فوالله! ما كشفت لها ثوبا. فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، ففدى بها ناسا من المسلمين، كانوا أسروا بمكة] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن إياس بن سلمة عن أبيه) " رضي الله عنه "، قال : غزونا فزارة ، وعلينا أبو بكر . أمره رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم علينا . فلما كان بيننا وبين الماء ساعة) هكذا رواه جمهور رواة صحيح مسلم . وفي رواية بعضهم : "بيننا وبين الماء ساعة ". والصواب .

                                                                                                                              الأول.

                                                                                                                              (أمرنا أبو بكر فعرسنا) . التعريس : النزول آخر الليل . (ثم شن الغارة) : فرقها (فورد الماء ، فقتل من قتل عليه ، وسبى . وأنظر إلى [ ص: 21 ] عنق من الناس) أي : جماعة . (فيهم الذراري) يعني : النساء والصبيان . (فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل ، فرميت بسهم بينهم وبين الجبل . فلما رأوا السهم وقفوا . فجئت بهم أسوقهم ، وفيهم امرأة من بني فزارة ، عليها قشع من أدم) بقاف ، ثم شين معجمة ساكنة ، ثم عين مهملة . وفي القاف لغتان : فتحها وكسرها . وهما مشهورتان . وفسره في الكتاب "بالنطع " . حيث (قال : " القشع " : النطع) وهو صحيح . (معها ابنة لها ، من أحسن العرب . فسقتهم حتى أتيت بهم أبا بكر ، فنفلني أبو بكر ابنتها) .

                                                                                                                              فيه : جواز التنفيل . وقد يحتج به من يقول : التنفيل من أصل الغنيمة . وقد يجيب عنه الآخرون : بأنه حسب قيمتها ، ليعوض أهل الخمس عن حصتهم .

                                                                                                                              (فقدمنا المدينة ، وما كشفت لها ثوبا) .

                                                                                                                              فيه : استحباب الكناية عن الوقاع بما يفهمه .

                                                                                                                              (فلقيني رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم في السوق ، فقال : " يا سلمة ! هب لي المرأة لله أبوك!" فقلت : يا رسول الله ! والله ! لقد أعجبتني . وما كشفت لها ثوبا . ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم من الغد في السوق ، فقال لي : " يا سلمة ! هب لي المرأة . لله أبوك ! " فقلت : هي لك . يا رسول الله ! فوالله ! ما كشفت لها ثوبا . [ ص: 22 ] فبعث بها رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم إلى أهل مكة ، ففدى بها ناسا من المسلمين ، كانوا أسروا بمكة) .

                                                                                                                              فيه : جواز المفاداة . وجواز فداء الرجال بالنساء الكافرات .

                                                                                                                              وفيه : جواز التفريق بين الأم وولدها البالغ . قال النووي : ولا خلاف في جوازه عندنا .

                                                                                                                              وفيه : جواز استيهاب الإمام أهل جيشه : بعض ما غنموه ، ليفادي به مسلما . أو يصرفه في مصالح المسلمين . أو يتألف به من في تألفه مصلحة . كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم هنا ، وفي غنائم حنين .

                                                                                                                              وفيه : جواز قول الإنسان للآخر : "لله أبوك . ولله درك " ونحوهما .

                                                                                                                              والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية