الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 122 ] 232 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { لا تقولوا للعنب : الكرم ، ولكن قولوا : حدائق الأعناب }

1480 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : حدثني الليث بن سعد ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا تقولوا : الكرم ، فإنما الكرم الرجل المسلم ، ولكن قولوا : حدائق الأعناب } .

1481 - حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، قال : حدثنا هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا تسموا العنب الكرم ؛ فإنما الكرم المؤمن ، ولكن قولوا : الحبلة . } [ ص: 123 ]

[ ص: 124 ]

1482 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا عاصم بن علي بن عاصم ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا سماك بن حرب ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { لا تقولوا : الكرم للعنب ، ولكن قولوا : الحبلة ، أو : الحبل } .

فقال قائل : كيف تقبلون هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

1483 - فذكر ما قد حدثنا يزيد بن سنان وفهد بن سليمان ، قالا : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، قال : حدثنا محمد بن مسلم الطائفي ، قال : حدثني عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا صدقة في شيء من الزرع أو النخل أو الكرم حتى تكون خمسة أوسق ، ولا [ ص: 125 ] في الورق حتى يبلغ مائتي درهم } . قال : ففي هذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم حدائق الأعناب بالكرم ، فكيف يجوز لكم أن تقبلوا عنه أنه قد قال : ما نهى أن يقال ؟ فكان جوابنا له بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أنه قد يجوز أن يكون [ ص: 126 ] هذا القول كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم من تسمية الحدائق الكرم ، كان قبل أن ينهى عما نهى عنه في الآثار الأخر ، ثم نهى عما نهى عنه في الآثار الأخر ، فعاد الحكم إلى ما في الآثار الأخر ؛ لأن الأشياء ما لم ينه عنها كانت طلقا من الأقوال ومن الأفعال ، فإذا نهي عنها عادت إلى الحظر وإلى المنع من فعلها ومن قولها ، وقد وجدنا كتاب الله قد جاء بتسمية الأعناب بالاسم الذي في آثار النهي ، وهي قوله جل وعز : وحدائق غلبا ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية