الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 589 ] ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين وستمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها قدم الملك المنصور إلى دمشق في يوم الجمعة سابع رجب في أبهة عظيمة ، وكان يوما مشهودا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولي الخطابة بدمشق الشيخ عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي ، عوضا عن محيي الدين بن الحرستاني الذي توفي فيها كما سيأتي ، وخطب يوم الجمعة الحادي والعشرين من رجب من هذه السنة . وفي هذا اليوم قبل الصلاة احتيط على القاضي عز الدين بن الصائغ بالقلعة ، وأثبت ابن الحصري نائب الحنفي محضرا يتضمن أن عنده وديعة بمقدار ثمانية آلاف دينار من جهة ابن الإسكاف ، وكان الذي أثار ذلك شخص قدم من حلب يقال له : تاج الدين بن السنجاري . وولي القضاء بعده بهاء الدين يوسف بن محيي الدين بن الزكي ، وحكم يوم الأحد ثالث وعشرين رجب ، ومنع الناس من زيارة ابن الصائغ ، وسعى في إثبات محضر آخر أن عنده وديعة بقيمة خمسة وعشرين ألف دينار للصالح إسماعيل بن أسد الدين ، وقام في ذلك ابن الشاكري والجمال بن الحموي وآخرون ، وتكلموا في قضية ثالثة ، ثم عقد له مجلس ناله فيه شدة شديدة ، وتعصبوا عليه ، ثم أعيد إلى اعتقاله ، وقام في صفه نائب السلطنة حسام [ ص: 590 ] الدين لاجين وجماعة من الأمراء ، فكلموا فيه السلطان ، فأطلقه وخرج إلى منزله ، وجاء الناس إلى تهنئته يوم الاثنين الثالث والعشرين من شعبان ، وانتقل من العادلية إلى داره بدرب النقاشة ، وكان عامة جلوسه في المسجد تجاه داره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي رجب باشر حسبة دمشق جمال الدين بن صصرى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي شعبان درس الخطيب جمال الدين بن عبد الكافي بالغزالية عوضا عن الخطيب ابن الحرستاني ، وأخذ منه الدولعية لكمال الدين بن النجار ، الذي كان وكيل بيت المال ، ثم أخذ شمس الدين الإربلي تدريس الغزالية من ابن عبد الكافي المذكور .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي آخر شعبان باشر نيابة الحكم عن ابن الزكي شرف الدين أحمد بن نعمة المقدسي أحد أئمة الفضلاء وسادات العلماء المصنفين ، ولما توفي أخوه شمس الدين محمد في شوال ولي مكانه تدريس الشامية البرانية ، وأخذت منه العادلية الصغيرة ، فدرس فيها القاضي نجم الدين أحمد بن صصرى التغلبي في ذي القعدة ، وأخذت من شرف الدين أيضا الرواحية ، فدرس فيها نجم الدين البياني نائب الحكم ، رحمهم الله أجمعين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية