الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 171 ] ثم دخلت سنة إحدى وستين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها:

[عودة الخليفة إلى الدار]

أنه في يوم الأربعاء ثالث المحرم عاد الخليفة من الكشك إلى الدار وأخذ الناس يرجفون لأجل عجلة هذا المجيء فقال قوم قد وصل أهل الموصل إلى دقوقا وقال قوم بل عسكر من قبل الماهكي وحكى بعض الجند أنهم ما ناموا تلك الليلة لخبر جاءهم به إنسان تركماني وأرادوا الدخول ليلا فأشير عليهم أن لا يفعلوا لئلا ينزعج [الناس] .

وظهر في هذه الأيام من الروافض [أمر عظيم] من ذكر الصحابة وسبهم وكانوا في الكرخ إذا رأوا مكحول العين ضربوه ورفع على قيماز أنه قد أخذ من مال الحلة مالا كثيرا فأدى عشرين ألفا وأخذت المدرسة التي بناها ابن الشمحل فأحرز فيها غلة وقلعت القبلة منها .

وفي هذه السنة: جاء الحاج على غير الطريق خوفا من العرب لكنهم لقوا شدة ورخصت الأسعار في ربيع الأول فحدثني بعض جيراننا أنه اشترى كارة دقيق باثني عشر قيراطا قال واشتريتها في زمن المسترشد باثني عشر دينارا . [ ص: 172 ]

وفي رابع ربيع الآخر خرج الخليفة إلى الكشك وصلى يوم الجمعة في جامع المهدي وظهر في هذه الأيام بين العوام الشتم والسب بسبب القرآن وكان ابن المشاط بعد في بغداد وكان يجلس في الجامع فيقال له: الم كلام الله؟ فيقول: لا . فقيل له: والتين والزيتون ؟ فقال: التين في الريحانيين والزيتون يباع في الأسواق .

وفي ربيع الآخر هرب عز الدين محمد بن الوزير بن هبيرة وكان محبوسا ونصب سلما وصعد عليه في جماعة فغلقت أبواب [دار الخليفة] ونودي عليه في الأسواق وأن من أطلعنا عليه فله كذا ومن أخفاه أبيح ماله فجاء رجل بدوي فأخبرهم أنه في جامع بهليقا وكان ذلك البدوي صديقا للوزير فأطلعه هذا الصبي على حاله فضمن له أن يهرب به فلما أخذ ضرب ضربا وجيعا وأعيد إلى السجن ثم رمي في مطمورة . وحدثني بعض الأتراك وكان محبوسا عندهم أنهم صاحوا بابن الوزير من المطمورة فتعلق بحبل وصعد فمدوه وجلس واحد على رجليه وآخر على رأسه وخنق بحبل ومنع القصاص كلهم من القصص في أواخر جمادى الآخرة .



التالي السابق


الخدمات العلمية