الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        [ ص: 4865 ] كتاب تضمين الصناع

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ت) نسخة تازة رقم (243، 234)

                                                                                                                                                                                        2 - (ر) نسخة الحمزوية رقم (110) [ ص: 4866 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 4867 ] ك

                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        وصلى الله على سيدنا محمد

                                                                                                                                                                                        وآله وسلم تسليما

                                                                                                                                                                                        كتاب تضمين الصناع

                                                                                                                                                                                        باب في الصانع يصنع خلاف ما استؤجر عليه من نسج أو بناء أو غيره

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن استأجر حائكا لينسج له غزلا سبعة في ثمانية فنسجه سبعة في ستة: كان صاحب الغزل بالخيار بين أن يأخذ ذلك الثوب ويدفع إليه أجره كله، أو يسلمه ويضمنه قيمة الغزل.

                                                                                                                                                                                        واختلف في هذه المسألة في ثلاثة مواضع: أحدها: إذا أخذ الثوب، فقال ابن القاسم: للصانع الأجر كله. وقال غيره: له بحساب ما عمل.

                                                                                                                                                                                        والثاني: إذا ضمن، فقال ابن القاسم: له قيمة الغزل. وقال غيره: له أجر مثله، وقال ابن القاسم في كتاب ابن حبيب: إذا كان يوجد مثله غرم المثل، وإن لم يوجد فقيمته. والثالث: الإجارة في المستقبل، فقال ابن القاسم: تنفسخ الإجارة، وقال أصبغ: الإجارة ثابتة. وقيل: إن كان ذلك [ ص: 4868 ] للفاسد فالإجارة منفسخة، وإن كان تاجرا وذلك شأنه لم تنفسخ، وهذا إذا كانت الإجارة على غزل بعينه وقضي فيه بالقيمة، فأما إذا كان الغزل موصوفا، أو كان معينا وقضي فيه بالمثل- فإن الإجارة ثابتة، وعلى الحائك أن يعمل مثل الغزل ثانية، ولا أرى عليه إذا أخذ ذلك الثوب من الأجر إلا بحساب ما عمل.

                                                                                                                                                                                        ولا يصح أن يستأجر على قيس فيعمل دونه ويستحق عنه جميع الأجرة، وقد قيل: إنه يحتمل أن يكون ذلك; لأنه أدخل جميع الغزل في ذلك المصنوع، وهذا غير مستقيم; لأن من استؤجر على صفة فعمل أحسن وأقل - لم يستحق بذلك المسمى، وقد قيل: المعنى أن له الأجر كله; أي ما ينوب ذلك من المسمى، وليس أن يرد إلى إجارة المثل.

                                                                                                                                                                                        وأرى إذا كان الحكم القضاء بالقيمة في الغزل وهو ثوب لابس - أن يكون المستأجر بالخيار: فإن شاء فسخ عن نفسه الأجرة، وإن شاء أن يتكلف المثل ويعمل له; لأن التعيين من حقه ليس من حق الصانع.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت الإجارة على أن يعمل له رداء فعمل له عمامة، فأحب أن يأخذ العمامة، كان فيها إجارة المثل، كان أكثر من المسمى أو أقل، إلا أن يقر الصانع أنه عمله على المسمى، فيكون على المستأجر الأقل من المسمى أو إجارة المثل، فإن دفع المسمى لم يبق بينهما إجارة، وإن دفع إجارة المثل عاد الجواب في بقاء العقد وفسخه على ما تقدم في أول المسألة. [ ص: 4869 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية