الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وما قدروا الله حق قدره الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج سعيد بن منصور ، وأحمد ، وعبد بن حميد والبخاري ، ومسلم والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والدارقطني وابن مردويه والبيهقي في "الأسماء والصفات" عن ابن مسعود قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد، إنا نجد أن الله يحمل السماوات يوم القيامة على إصبع والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول : أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 692 ] وأخرج أحمد والترمذي وصححه، وابن جرير ، وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فقال : كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السماوات على ذه -وأشار بالسبابة- والأرضين على ذه، والجبال على ذه، والماء على ذه، وسائر الخلق على ذه، كل ذلك يشير بأصابعه، فأنزل الله : وما قدروا الله حق قدره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في "العظمة" عن سعيد بن جبير قال : تكلمت اليهود في صفة الرب فقالوا ما لم يعلموا وما لم يروا، فأنزل الله : وما قدروا الله حق قدره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : إن اليهود نظروا في خلق السماوات والأرض والملائكة، فلما فرغوا أخذوا يقدرونه، فأنزل الله : وما قدروا الله حق قدره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : لما نزلت : وسع كرسيه السماوات والأرض [البقرة : 255 ] قالوا : يا رسول الله، هذا الكرسي هكذا، فكيف العرش؟ فأنزل الله : وما قدروا الله حق قدره .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 693 ] وأخرج عبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم والنسائي وابن ماجه وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه والبيهقي في "الأسماء والصفات" عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ويقول : أنا الملك، أين ملوك الأرض؟

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وأحمد واللفظ له وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي ، وابن ماجه وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وابن مردويه والبيهقي في "الأسماء والصفات" عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده، ويحركها يقبل بها ويدبر : يمجد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم، فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وعبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححاه وابن [ ص: 694 ] مردويه والبيهقي في "البعث" عن ابن عباس قال : حدثتني عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه قال : يقول : أنا الجبار أنا أنا، ويمجد الرب نفسه . فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم منبره، حتى قلنا : ليخرن به . قلت : فأين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال : على جسر جهنم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار ، وابن عدي وأبو الشيخ في "العظمة"، وابن مردويه ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر : وما قدروا الله حق قدره حتى بلغ : عما يشركون فقال : المنبر هكذا، فجاء وذهب ثلاث مرات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ في "العظمة"، وابن مردويه والبيهقي في "الأسماء والصفات" عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله السماوات السبع والأرضين السبع في قبضته، ثم يقول : أنا الله أنا الرحمن، أنا الملك أنا القدوس أنا السلام أنا المؤمن أنا المهيمن أنا العزيز أنا [ ص: 695 ] الجبار، أنا المتكبر، أنا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئا، أنا الذي أعيدها أين الملوك؟ أين الجبابرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن جرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفر من أصحابه : إني قارئ عليكم آيات من آخر "الزمر" فمن بكى منكم وجبت له الجنة، فقرأها من عند : وما قدروا الله حق قدره إلى آخر السورة، فمنا من بكى، ومنا من لم يبك، فقال الذين لم يبكوا : يا رسول الله لقد جهدنا أن نبكي فلم نبك . فقال : إني سأقرأها عليكم فمن لم يبك فليتباك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني بسند مقارب وأبو الشيخ في "العظمة" عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يقول : ثلاث خلال غيبتهن عن عبادي لو رآهن رجل ما عمل سوءا أبدا، لو كشفت غطائي فرآني حتى استيقن ويعلم كيف أفعل بخلقي إذا أمتهم، وقبضت السماوات بيدي، ثم قبضت الأرضين، ثم قلت : أنا الملك من ذا الذي له الملك دوني، ثم أريهم الجنة، وما أعددت لهم فيها من كل خير فيستيقنونها وأريهم النار، وما أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنونها، ولكن عمدا غيبت ذلك عنهم؛ لأعلم [ ص: 696 ] كيف يعملون، وقد بينته لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن مردويه عن مسروق، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ليهودي : اذكر من عظمة ربنا . فقال : السماوات على الخنصر والأرضون على البنصر والجبال على الوسطى، والماء على السبابة، وسائر الخلق على الإبهام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : يطوي الله السماوات السبع بما فيها من الخليقة، والأرضين السبع بما فيها من الخليقة، يطوي كله بيمينه يكون ذلك في يده بمنزلة خردلة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن قتادة : والسماوات مطويات بيمينه قال كعب : كلهن بيمينه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن الضحاك : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه قال : كلهن في يمينه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في "الأسماء والصفات" عن شيبان النحوي في قوله : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه قال : لم يفسرها قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة قال : كل ما وصف الله من نفسه في كتابه، فتفسيره تلاوته والسكوت عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ في "العظمة" عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتدري ما الكرسي؟ فقلت : لا، قال : ما السماوات والأرض وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ألقاها ملق في أرض فلاة، وما الكرسي في العرش إلا كحلقة ألقاها ملق في أرض فلاة، وما العرش في الماء إلا كحلقة ألقاها ملق في أرض فلاة، وما الماء في الريح إلا كحلقة ألقاها ملق في أرض فلاة، وما جميع ذلك في قبضة الله عز وجل إلا كالحبة وأصغر من الحبة في كف أحدكم، وذلك قوله : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله عز وجل إلا كخردلة في يد أحدكم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 698 ] وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة فأين الناس يومئذ؟ قال : على الصراط .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن أبي أيوب الأنصاري قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود فقال : أرأيت إذ يقول الله عز وجل في كتابه : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه فأين الخلق عند ذلك؟ قال : هم فيها كرقم الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية