الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب

                                                                                                                                                                                                قيل: الصرح: البناء الظاهر الذي لا يخفى على الناظر وإن بعد، اشتقوه من صرح الشيء إذا ظهر، و أسباب السماوات طرقها وأبوابها وما يؤدي إليها، وكل ما أداك إلى شيء فهو سبب إليه، كالرشاء ونحوه، فإن قلت: ما فائدة هذا التكرير، ولو قيل: لعلي أبلغ أسباب السماوات لأجزأ؟ قلت: إذا أبهم الشيء ثم أوضح كان تفخيما لشأنه، فلما أراد تفخيم ما أمل بلوغه من أسباب السماوات أبهمها ثم أوضحها، ولأنه لما كان بلوغها أمرا عجيبا أراد أن يورده على نفس متشوقة إليه; ليعطيه السامع حقه من التعجب، فأبهمه ليشوف إليه نفس هامان، ثم أوضحه. وقرئ: (فأطلع) بالنصب على جواب الترجي، تشبها للترجي بالتمني. ومثل ذلك التزيين وذلك الصد زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل والمزين: إما الشيطان بوسوسته، كقوله تعالى: وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل [النمل: 34] أو الله تعالى على وجه التسبيب; لأنه مكن الشيطان وأمهله. ومثله: زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون [النمل: 4]. وقرئ: (وزين لهم سوء عمله) على البناء للفاعل والفعل لله عز وجل، دل عليه قوله: إلى إله موسى وصد، [ ص: 349 ] بفتح الصاد وضمها وكسرها، على نقل حركة العين إلى الفاء، كما قيل: قيل. والتباب: الخسران والهلاك. وصد: مصدر معطوف على سوء عمله وصدوا هو وقومه.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية