الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [92] إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون .

                                                                                                                                                                                                                                      إن هذه أي: علة التوحيد والاستسلام لمعبود واحد لا شريك له: أمتكم أي: ملتكم التي يجب أن تحافظوا على حدودها وتراعوا حقوقها. والخطاب للناس كافة: أمة واحدة أي: غير مختلفة. بل هي ملة واحدة. أي: أن جميع الأنبياء ورسل الله على ملة واحدة ودين واحد. كما قال تعالى: إن الدين عند الله الإسلام وأنا ربكم أي: لا إله لكم غيري: فاعبدون أي: ولا تشركوا بي شيئا.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 4307 ] تنبيه:

                                                                                                                                                                                                                                      قلنا: إن الأمة هنا بمعنى الملة، وهو الدين المجتمع عليه، كما في قوله: إنا وجدنا آباءنا على أمة أي: على دين يجتمع عليه. والأمة بهذا المعنى هو ما رجحه كثير من المفسرين في هذه الآية، وفي آية: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون وتطلق (الأمة) بمعنى الجماعة. كما هي في قوله تعالى: وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون أي: جماعة. وكما في قوله: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولا تكون بمعنى الجماعة مطلقا، وإنما هي بمعنى الجماعة الذين تربطهم رابطة اجتماع، يعتبرون بها واحدا، وتسوغ أن يطلق عليهم اسم واحد كاسم الأمة. وتطلق الأمة بمعنى السنين كما في قوله تعالى: ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة وفي قوله: وادكر بعد أمة وبمعنى الإمام الذي يقتدى به،كما في قوله: إن إبراهيم كان أمة قانتا لله وبمعنى إحدى الأمم المعروفة كما في قوله: كنتم خير أمة أخرجت للناس وهذا المعنى الأخير لا يخرج عن معنى الجماعة، على ما ذكرنا. وإنما خصصه العرف تخصيصا. كذا حققه العلامة محمد عبده رحمه الله في تفسير آية: كان الناس أمة واحدة

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية