الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في نفقة الوالد على ولده المالك أمره

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت المرأة الثيب إن طلقها زوجها أو مات عنها وهي لا تقدر على شيء [ ص: 263 ] وهي عديمة ، أيجبر الوالد على نفقتها في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت الزمنى والمجانين من ولده الذكور المحتلمين الذين قد بلغوا الحلم وصاروا رجالا هل تلزم الأب نفقتهم ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يلزم الأب ذلك ; لأن الولد إنما أسقط عن الأب فيه النفقة حين احتلم وبلغ الكسب وقوي على ذلك ، ألا ترى أنه قبل الاحتلام إنما ألزم الأب نفقته لضعفه وضعف عقله وضعف عمله ؟ فهؤلاء الذين ذكرت عندي أضعف من الصبيان ، ألا ترى أن من الصبيان من هو قبل الاحتلام قوي على الكسب إلا أنه على كل حال على الأب نفقته ما لم يحتلم إلا أن يكون للصبي كسب يستغني به عن الآباء أو يكون له مال ينفق عليه من ماله ؟ فكذلك الزمنى والمجانين بمنزلة الصبيان في ذلك كله ، أولا ترى النساء قد تحضن المرأة وتكبر وهي في بيت أبيها فنفقتها على الأب وهي في هذه الحال أقوى من هذا الزمن أو المجنون وإنما ألزم الأب نفقتها لحال ضعفها في ذلك ، فمن كان أشد منها ضعفا فذلك أحرى أن يلزم الأب نفقته إذا كانت زمانية تلك قد منعته من أين يعود على نفسه مثل المغلوب على عقله والأعمى والزمن الضعيف الذي لا حراك له .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن كانوا قد بلغوا أصحاء ثم أزمنوا أو جنوا بعد ذلك وقد كانوا أخرجوا من ولاية الأب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : فلا شيء لهم على الأب ، ولم أسمع من مالك فيه شيئا وإنما قلته على البنت الثيب .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية