الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2889 ) فصل : وإذا اشترى أرضا فيها بذر ، فاستحق المشتري أصله ، كالرطبة ، والنعناع ، والبقول التي تجز مرة بعد أخرى ، فهو له ; لأنه ترك في الأرض للتبقية ، فهو كأصول الشجر . ولأنه لو كان ظاهرا كان له ، فالمستتر أولى ، سواء علقت عروقه في الأرض ، أو لا . فإن كان بذرا لما يستحقه البائع ، فهو له ، إلا أن يشترطه المبتاع ، فيكون له . وقال الشافعي : البيع باطل ; لأن البذر مجهول ، وهو مقصود .

                                                                                                                                            ولنا ، أن البذر يدخل تبعا في البيع ، فلم يضر جهله ، كما لو اشترى عبدا ، فاشترط ماله . ويجوز في التابع من الغرر ما لا يجوز في المتبوع ، كبيع اللبن في الضرع مع الشاة ، والحمل مع الأم ، والسقوف في الدار ، وأساسات الحيطان ، تدخل تبعا في البيع ، ولا تضر جهالتها ، ولا تجوز مفردة . وإن لم يعلم المشتري بذلك ، فله الخيار في فسخ البيع وإمضائه ; لأنه يفوت عليه منفعة الأرض عاما . فإن رضي البائع بتركه للمشتري ، أو قال : أنا أحوله . وأمكنه ذلك في زمن يسير لا يضر بمنافع الأرض فلا خيار للمشتري ; لأنه أزال العيب بالنقل ، أو زاده خيرا بالترك ، فلزمه قبوله ; لأن فيه تصحيحا للعقد ، وهذا مذهب الشافعي .

                                                                                                                                            وكذلك لو اشترى نخيلا فيه طلع ، فبان أنه مؤبر ، فله الخيار ; لأنه يفوت المشتري ثمرة عامه ، ويضر بقاؤها بنخله . فإن تركها له البائع ، لم يكن له خيار . فإن قال : أنا أقطعها الآن . لم يسقط خياره بذلك ; لأن ثمرة العام تفوت ، سواء قطعها ، أو تركها . وإن اشترى أرضا فيها زرع للبائع ، أو شجرا فيه ثمر للبائع ، والمشتري جاهل بذلك ، يظن أن الزرع والثمر له ، فله الخيار أيضا ، [ ص: 69 ] كما لو جهل وجوده ; لأنه إنما رضي ببذل ماله عوضا عن الأرض والشجر بما فيهما ، فإذا بان خلاف ذلك ينبغي أن يثبت له الخيار ، كالمشتري للمعيب يظنه صحيحا .

                                                                                                                                            وإن اختلفا في جهله لذلك ، فالقول قول المشتري إذا كان ممن يجهل ذلك ، لكونه عاميا ، فإن هذا مما يجهله كثير من الناس . وإن كان ممن يعلم ذلك ، لم يقبل قوله ; لأن الظاهر أنه لا يجهله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية