الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (55) قوله : أنما نمدهم : في "ما" هذه ثلاثة أوجه، أحدها: أنها بمعنى الذي وهي اسم "أن" و "نمدهم" صلتها وعائدها.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 351 ] "ومن مال" حال من الموصول، أو بيان له، فيتعلق بمحذوف. و "نسارع" خبر "أن". والعائد من هذه الجملة إلى اسم "أن" محذوف تقديره: نسارع لهم به، أو فيه، إلا أن حذف مثله قليل. وقيل: الرابط بين هذه الجملة باسم "أن" هو الظاهر الذي قام مقام الضمير من قوله "في الخيرات"، إذ الأصل: نسارع لهم فيه، فأوقع "الخيرات" موقعه تعظيما وتنبيها على كونه من الخيرات. وهذا يتمشى على مذهب الأخفش; إذ يرى الربط بالأسماء الظاهرة، وإن. لم يكن بلفظ الأول، فيجيز "زيد الذي قام أبو عبد الله" إذا كان "أبو عبد الله" كنية "زيد". وتقدمت منه أمثلة. قال أبو البقاء: "ولا يجوز أن يكون الخبر "من مال" لأنه كان "من مال"، فلا يعاب عليهم [ذلك، وإنما يعاب عليهم] اعتقادهم أن تلك الأموال خير لهم".

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أن تكون "ما" مصدرية فينسبك منه ومما بعدها مصدر هو اسم "أن" و "نسارع" هو الخبر. وعلى هذا فلا بد من حذف "أن" المصدرية قبل "نسارع" ليصح الإخبار، تقديره: أن نسارع. فلما حذفت "أن" ارتفع المضارع بعدها. والتقدير: أيحسبون أن إمدادنا لهم من كذا مسارعة منا لهم في الخيرات. والثالث: أنها مهيئة كافة. وبه قال الكسائي في هذه [657/ب] الآية وحينئذ يوقف على "وبنين" لأنه قد حصل بعد فعل الحسبان نسبة من مسند ومسند إليه نحو: حسبت أنما ينطلق عمرو، وأنما تقوم أنت.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ يحيى بن وثاب "إنما" بكسر الهمزة على الاستئناف، ويكون [ ص: 352 ] حذف مفعولي الحسبان اقتصارا أو اختصارا. وابن كثير في رواية "يمدهم" بالياء، وهو الله تعالى. وقياسه أن يقرأ "يسارع" بالياء أيضا. وقرأ السلمي وابن أبي بكرة "يسارع" بالياء وكسر الراء. وفي فاعله وجهان، أحدهما: الباري تعالى الثاني: ضمير "ما" الموصولة إن جعلناها بمعنى الذي، أو على المصدر إن جعلناها مصدرية. وحينئذ يكون "يسارع لهم" الخبر. فعلى الأول يحتاج إلى تقدير عائد أي: يسارع الله لهم به أو فيه. وعلى الثاني لا يحتاج إذ الفاعل ضمير "ما" الموصولة.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن أبي بكرة المتقدم أيضا "يسارع" بالياء مبنيا للمفعول و "في الخيرات" هو القائم مقام الفاعل. والجملة خبر "أن" والعائد محذوف على ما تقدم وقرأ الحسن "نسرع" بالنون من "أسرع" وهي كـ "نسارع فيما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      و "بل لا يشعرون" إضراب عن الحسبان المستفهم عنه استفهام تقريع، وهو إضراب انتقال.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية