الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ذكر في هذه الآية الكريمة أنه فضل المجاهدين في سبيل الله بأموالهم ، وأنفسهم على القاعدين درجة وأجرا عظيما ، ولم يتعرض لتفضيل بعض المجاهدين على بعض ، ولكنه بين ذلك في موضع آخر وهو قوله : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى [ 57 \ 10 ] ، وقوله في هذه الآية الكريمة غير أولي الضرر ، يفهم من مفهوم مخالفته أن من خلفه العذر إذا كانت نيته صالحة يحصل ثواب المجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا المفهوم صرح به النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس الثابت في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن بالمدينة أقواما ما سرتم من مسير ، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه " ، قالوا وهم بالمدينة يا رسول الله ؟ قال : " نعم حبسهم العذر " ، وفي هذا المعنى قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                      [ البسيط ]

                                                                                                                                                                                                                                      يا ظاعنين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا     إنا أقمنا على عذر وعن قدر
                                                                                                                                                                                                                                      ومن أقام على عذر فقد راحا



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 248 ] تنبيه

                                                                                                                                                                                                                                      يؤخذ من قوله في هذه الآية الكريمة : وكلا وعد الله الحسنى ، أن الجهاد فرض كفاية لا فرض عين ; لأن القاعدين لو كانوا تاركين فرضا لما ناسب ذلك وعده لهم الصادق بالحسنى ; وهي الجنة والثواب الجزيل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية