الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2898 ) فصل : وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها من غير شرط القطع على ثلاثة أضرب : أحدها ، أن يبيعها مفردة لغير مالك الأصل ، فهذا الضرب الذي ذكرنا حكمه ، وبينا بطلانه . الثاني ، أن يبيعها مع الأصل ، فيجوز بالإجماع ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر ، فثمرتها للذي باعها ، إلا أن يشترط المبتاع } . [ ص: 73 ] ولأنه إذا باعها مع الأصل حصلت تبعا في البيع ، فلم يضر احتمال الغرر فيها ، كما احتملت الجهالة في بيع اللبن في الضرع مع بيع الشاة ، والنوى في التمر مع التمر ، وأساسات الحيطان في بيع الدار .

                                                                                                                                            الثالث ، أن يبيعها مفردة لمالك الأصل ، نحو أن تكون للبائع ولا يشترطها المبتاع ، فيبيعها له بعد ذلك ، أو يوصي لرجل بثمرة نخلته ، فيبيعها لورثة الموصي ، ففيه وجهان ; أحدهما ، يصح البيع ، وهو المشهور من قول مالك ، وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي ; لأنه يجتمع الأصل والثمرة للمشتري ، فيصح ، كما لو اشتراهما معا . ولأنه إذا باعها لمالك الأصل حصل التسليم إلى المشتري على الكمال ; لكونه مالكا لأصولها وقرارها ، فصح ، كبيعها مع أصلها . والثاني ، لا يصح .

                                                                                                                                            وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي ; لأن العقد يتناول الثمرة خاصة ، والغرر فيما يتناوله العقد أصلا يمنع الصحة ، كما لو كانت الأصول لأجنبي ، ولأنها تدخل في عموم النهي ، بخلاف ما إذا باعهما معا ، فإنه مستثنى بالخبر المروي فيه ، ولأن الغرر فيما يتناوله العقد أصلا يمنع الصحة ، وفيما إذا باعهما معا تدخل الثمرة تبعا ، ويجوز في التابع من الغرر ما لا يجوز في المتبوع ، كما يجوز بيع اللبن في الضرع ، والحمل مع الشاة ، وغيرهما . وإن باعه الثمر ، بشرط القطع في الحال ، صح ، وجها واحدا ، ولا يلزم المشتري الوفاء بالشرط ; لأن الأصل له .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية