الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل ؛ وتقرأ: " مثقال حبة " ؛ الآية؛ إلى قوله: لطيف خبير ؛ أي: " لطيف في استخراجها؛ خبير بمكانها " ؛ ويقال: " في صخرة " ؛ أي: في الصخرة التي تحت الأرض؛ ويروى أن ابن لقمان سأل لقمان؛ فقال: أرأيت الحبة تكون في مقل البحر - أي: في مغاص البحر - أيعلمها الله؟! يقال: " مقل؛ يمقل " ؛ إذا غاص؛ فأعلمه أن الله - عز وجل - يعلم الحبة حيث كانت؛ وفي أخفى المواضع؛ لأن الحبة في الصخرة أخفى من الماء؛ ثم أعلمه أنها حيث كانت يعلمها بلطفه - عز وجل -؛ وخبرته؛ وهذا مثل لأعمال العباد؛ أن الله يأتي بأعمالهم يوم القيامة؛ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ؛ فأما رفع " مثقال " ؛ مع تأنيث " تك " ؛ فلأن " مثقال حبة من خردل " ؛ راجع إلى معنى " خردلة " ؛ فهو بمنزلة " إن تك حبة من خردل " ؛ ومن قرأ: " إنها إن تك مثقال حبة " ؛ بالنصب؛ فعلى معنى: " إن التي سألتني عنها إن تك [ ص: 198 ] مثقال حبة " ؛ وعلى معنى: " إن فعلة الإنسان وإن صغرت يأت الله بها؛ ويجوز: " إنها إن تك - بالتاء - مثقال حبة من خردل " ؛ على معنى: " إن القصة كما تقول: إنها هند قائمة " ؛ ولو قلت: " إنها زيد قائم " ؛ لجاز؛ إلا أن النحويين يختارون ذلك مع المذكر؛ ويجيزون مع المؤنث التأنيث؛ والتذكير؛ يقولون: " إنه هند قائمة " ؛ و " إنها أمة الله قائمة " ؛ فيجيزون الوجهين؛ فأما " إنها إن تك مثقال حبة من خردل " ؛ عند من لا يجيز " إنها زيد قائم " ؛ فيجوز عنده هذا؛ لأن معناه التأنيث برد " ما " ؛ إلى الحبة من الخردل.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية