الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2905 ) فصل : ولا يختلف المذهب أن بدو الصلاح في بعض ثمرة النخلة ، أو الشجرة صلاح لجميعها ، أعني أنه يباح بيع جميعها بذلك . ولا أعلم فيه اختلافا ، وهل يجوز بيع سائر ما في البستان من ذلك النوع ؟ فيه روايتان ; أظهرهما جوازه . وهو قول الشافعي ، ومحمد بن الحسن . وعنه : لا يجوز إلا بيع ما بدا صلاحه ; لأن ما لم يبد صلاحه داخل في عموم النهي ، ولأنه لم يبد صلاحه ، فلم يجز بيعه من غير شرط القطع ، كالجنس الآخر ، وكالذي في البستان الآخر .

                                                                                                                                            ووجه الأولى أنه بدا الصلاح في نوعه من البستان الذي هو فيه ، فجاز بيع جميعه ، كالشجرة الواحدة ، ولأن اعتبار بدو الصلاح في الجميع يشق ، ويؤدي إلى الاشتراك واختلاف الأيدي ، فوجب أن يتبع ما لم يبد صلاحه من نوعه لما بدا ، على ما ذكرنا فيما أبر بعضه دون بعض . فأما نوع آخر من ذلك الجنس ، فقال القاضي : لا يتبعه . وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي . وقال محمد بن الحسن : ما كان متقارب الإدراك ، فبدو صلاح بعضه يجوز به بيع جميعه ، وإن كان يتأخر إدراك البعض تأخيرا كثيرا ، فالبيع جائز فيما أدرك ، ولا يجوز في الباقي .

                                                                                                                                            وقال أبو الخطاب : يجوز بيع ما في البستان من ذلك الجنس . وهو الوجه الثاني لأصحاب الشافعي ; لأن الجنس الواحد يضم بعضه إلى بعض في إكمال النصاب في الزكاة ، فيتبعه في جواز البيع ، كالنوع الواحد . والأول أولى ; لأن النوعين قد يتباعد إدراكهما ، فلم يتبع أحدهما الآخر في بدو الصلاح ، كالجنسين .

                                                                                                                                            ويخالف الزكاة ; فإن القصد هو الغنى من جنس ذلك المال ، لتقارب منفعته ، وقيام كل نوع مقام النوع الآخر في المقصود . والمعنى هاهنا ; هو تقارب إدراك أحدهما من الآخر ، ودفع الضرر الحاصل بالاشتراك واختلاف الأيدي ، ولا يحصل ذلك في النوعين ، فصار في هذا كالجنسين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية