الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في كراهية عسب الفحل

                                                                                                          1273 حدثنا أحمد بن منيع وأبو عمار قالا حدثنا إسمعيل بن علية قال أخبرنا علي بن الحكم عن نافع عن ابن عمر قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل قال وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وأبي سعيد قال أبو عيسى حديث ابن عمر حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وقد رخص بعضهم في قبول الكرامة على ذلك [ ص: 411 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 411 ] بفتح العين المهملة وإسكان السين المهملة أيضا ، وفي آخره موحدة ، ويقال له العسيب أيضا ، والفحل الذكر من كل حيوان فرسا كان ، أو جملا ، أو تيسا وغير ذلك ، وقد روى النسائي من حديث أبي هريرة : نهى عن عسيب التيس ، قال في القاموس : العسب ضراب الفحل ، أو ماؤه ، أو نسله ، والولد وإعطاء الكراء على الضراب والفعل كضرب . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عسبب الفحل ) قال في النهاية عسب الفحل ماؤه فرسا كان ، أو بعيرا ، أو غيرهما وعسبه أيضا ضرابه يقال عسب الفحل الناقة يعسبها عسبا ولم ينه عن واحد منهما ، وإنما أراد النهي عن الكراء الذي يؤخذ عليه فإن إعارة الفحل مندوب إليها ، وقد جاء في الحديث : ومن حقها إطراق فحلها ، ووجه الحديث أنه نهى عن كراء عسب الفحل فحذف المضاف ، وهو كثير في الكلام ، وقيل يقال لكراء الفحل عسب ، وعسب فحله يعسبه أي : أكراه وعسبت الرجل إذا أعطيته كراء ضراب فحله فلا يحتاج إلى حذف مضاف ، وإنما نهى عنه للجهالة التي فيه ، ولا بد في الإجارة من تعيين العمل ومعرفة مقداره . انتهى . قوله : ( وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وأبي سعيد ) أما حديث أبي هريرة فأخرجه النسائي وتقدم لفظه ، وأما حديث أنس فأخرجه الترمذي في هذا الباب ، ولأنس غير حديث الباب عند الشافعي ، وأما حديث أبي سعيد فأخرجه الدارقطني ، والبيهقي ، كذا في التلخيص ، وفي الباب عن علي عند الحاكم في علوم الحديث وابن حبان والبزار وعن البراء عند الطبراني وعن ابن عباس عنده أيضا وعن جابر عند مسلم . قوله : ( حديث ابن عمر حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والبخاري ، وغيرهما . قوله : ( والعمل على هذا عند بعض أهل العلم ) وهو قول الجمهور ، والنهي عندهم للتحريم ، وهو الحق ، قال الحافظ في الفتح : بيعه وكراؤه حرام ؛ لأنه غير متقوم ، ولا معلوم ، ولا مقدور على تسليمه ، وفي وجه للشافعية والحنابلة : تجوز الإجارة مدة معلومة . [ ص: 412 ] ، وهو قول الحسن وابن سيرين ، ورواية عن مالك قواها الأبهري ، وغيره ، وحمل النهي على ما إذا وقع لأمد مجهول ، وأما إذا استأجر مدة معلومة فلا بأس كما يجوز الاستئجار لتلقيح النخل ، وتعقب بالفرق ؛ لأن المقصود هنا ماء الفحل وصاحبه عاجز عن تسليمه بخلاف التلقيح . انتهى ، وقال الشوكاني : وأحاديث الباب ترد عليهم أي : على من جوز إجارة الفحل للضراب مدة معلومة ؛ لأنها صادقة على الإجارة ، قال صاحب الأفعال أعسب الرجل عسبا اكترى منه فحلا ينزيه . انتهى . ( وقد رخص قوم في قبول الكرامة على ذلك ) أي : قبول الهدية على ذلك ، وهو الحق كما يدل عليه حديث أنس الآتي ، قال الحافظ : وأما عارية ذلك فلا خلاف في جوازه فإن أهدي للمعير هدية من المستعير بغير شرط جاز ، ثم ذكر الحافظ حديث أنس الآتي ، ثم قال : ولابن حبان في صحيحه من حديث أبي كبشة مرفوعا : " من أطرق فرسا فأعقب كان له كأجر سبعين فرسا " . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية