الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2909 ) مسألة ; قال : فإن كانت ثمرة نخل ، فبدو صلاحها أن تظهر فيها الحمرة أو الصفرة . وإن كانت ثمرة كرم فصلاحها أن تتموه ، وصلاح ما سوى النخل والكرم أن يبدو فيها النضج وجملة ذلك ، أن ما كان من الثمرة يتغير لونه عند صلاحه ، كثمرة النخل ، والعنب الأسود ، والإجاص ، فبدو صلاحه بذلك . وإن كان العنب أبيض ، فصلاحه بتموهه ; وهو أن يبدو فيه الماء الحلو ، ويلين ، ويصفر لونه . وإن كان مما لا يتلون ، كالتفاح ونحوه ، فبأن يحلو ، أو يطيب .

                                                                                                                                            وإن كان بطيخا ، أو نحوه ، فبأن يبدو فيه النضج . وإن كان مما لا يتغير لونه ، ويؤكل طيبا ، صغارا وكبارا ، كالقثاء والخيار ، فصلاحه بلوغه أن يؤكل عادة . وقال القاضي ، وأصحاب الشافعي : بلوغه أن يتناهى عظمه . وما قلناه أشبه بصلاحه مما قالوه ; فإن بدو صلاح الشيء ابتداؤه ، وتناهي عظمه آخر صلاحه . ولأن بدو الصلاح في الثمر يسبق حال الجزاز ، فلا يجوز أن يجعل بدو الصلاح فيما يقاس عليه بسبقه قطعه عادة ; إلا أن يريدوا بتناهي عظمه انتهاءه إلى الحال التي جرت العادة بأخذه فيها ، فيكون كما ذكرنا . وما قلنا في هذا الفصل فهو قول مالك ، والشافعي ، وكثير من أهل العلم ، أو مقارب له . وقال عطاء : لا يباع حتى يؤكل من التمر قليل ، أو كثير .

                                                                                                                                            وروي نحوه عن ابن عمر ، وابن عباس . ولعلهم أرادوا صلاحه للأكل ، فيرجع معناه إلى ما قلنا ; فإن ابن عباس قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يأكل منه ، أو يؤكل . } متفق عليه . وإن أرادوا حقيقة الأكل كان ما ذكرنا أولى ; لأن ما رووه يحتمل صلاحه للأكل ، فيحمل على ذلك ، موافقة لأكثر الأخبار ، وهو ما روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الثمرة حتى تطيب } . متفق عليه . ونهى أن تباع الثمرة حتى تزهو . قيل : وما تزهو ؟ قال : ( تحمار أو تصفار ) . رواه البخاري . { ونهى عن بيع العنب حتى يسود . } رواه الترمذي ، وابن ماجه . والأحاديث في هذا كثيرة ، كلها تدل على هذا المعنى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية