الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى

                                                                                                                                                                                                                                      فلا يصدنك عنها أي : عن ذكر الساعة ومراقبتها ، وقيل : عن تصديقها ، والأول هو الأليق بشأن موسى عليه الصلاة والسلام . وإن كان النهي بطريق التهييج والإلهاب ، وتقديم الجار والمجرور على قوله تعالى من لا يؤمن بها لما مر مرارا من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ، فإن ما حقه التقديم إذا أخر تبقى النفس مستشرقة له ، فيتمكن عند وروده لها فضل تمكن ، ولأن في المؤخر نوع طول ربما يخل تقديمه بجزالة النظم الكريم ، وهذا وإن كان بحسب الظاهر نهيا للكافر عن صد موسى عليه الصلاة والسلام عن الساعة ، لكنه في الحقيقة نهي له عليه الصلاة والسلام عن الانصداد عنها على أبلغ وجه وآكده . فإن النهي عن أسباب الشيء ومباديه المؤدية إليه نهي عنه بالطريق البرهاني ، وإبطال للسببية من أصلها ، كما في قوله تعالى : ولا يجرمنكم ... إلخ ، فإن صد الكافر حيث كان سبب انصداده عليه الصلاة والسلام كان النهي عنه نهيا بأصله وموجبه وإبطالا له بالكلية . ويجوز أن يكون من باب النهي عن المسبب وإرادة النهي عن السبب على أن يراد نهيه عليه الصلاة والسلام عن إظهار لين الجانب للكفرة ، فإن ذلك سبب لصدهم إياه عليه الصلاة والسلام ، كما في قوله : لا أرينك ههنا ، فإن المراد به : نهي المخاطب عن الحضور لديه الموجب لرؤيته .

                                                                                                                                                                                                                                      واتبع هواه أي : ما تهواه نفسه من اللذات الحسية الفانية . فتردى أي : فتهلك . فإن الإغفال عنها وعن تحصيل ما ينجي عن أهوالها مستتبع للهلاك لا محالة ، وهو في محل النصب على جواب النهي ، أو في محل الرفع على أنه خبر مبتدإ محذوف أي : فأنت تردى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية