الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 81 ] فصل : ويصح أن يشترط البائع نفع المبيع مدة معلومة ، مثل أن يبيع دارا ، ويستثني سكناها شهرا ، أو جملا ، ويشترط ظهره إلى مكان معلوم ، أو عبدا ، ويستثني خدمته سنة . نص على هذا أحمد . وهو قول الأوزاعي ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وابن المنذر ، وقال الشافعي ، وأصحاب الرأي : لا يصح الشرط ; { لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط } ، ولأنه ينافي مقتضى البيع ، فأشبه ما لو شرط أن لا يسلمه ، وذلك ; لأنه شرط تأخير تسليم المبيع إلى أن يستوفي البائع منفعته ، ولأن مقتضى البيع ملك المبيع ومنافعه ، وهذا شرط ينافيه ، وقال ابن عقيل : فيه رواية ثانية ، أنه يبطل البيع والشرط ، نقلها عبد الله بن محمد الفقيه ، في الرجل يشتري من الرجل جارية ، ويشترط أن تخدمه ، فالبيع باطل .

                                                                                                                                            وهذه الرواية لا تدل على محل النزاع في هذه المسألة ، فإن اشتراط خدمة الجارية باطل لوجهين ; أحدهما ، أنها مجهولة ، وإطلاقها يقتضي خدمتها أبدا ، وهذا لا خلاف في بطلانه ، إنما الخلاف في اشتراط منفعة معلومة . الثاني ، أن يشترط خدمتها بعد زوال ملكه عنها ، فيفضي إلى الخلوة بها ، والخطر برؤيتها ، وصحبتها ، ولا يوجد هذا في غيرها ، ولذلك منع إعارة الجارية الشابة لغير محرمها .

                                                                                                                                            وقال مالك : إذا اشترط ركوبا إلى مكان قريب ، جاز ، وإن كان إلى مكان بعيد كره ; لأن اليسير تدخله المسامحة . ولنا ، ما روى جابر : { أنه باع النبي صلى الله عليه وسلم جملا ، واشترط ظهره إلى المدينة } . وفي لفظ قال : { فبعته بأوقية ، واستثنيت حملانه إلى أهلي . } متفق عليه . وفي لفظ { قال : فبعته منه بخمس أواق ، قال : قلت : على أن لي ظهره إلى المدينة . قال : ولك ظهره إلى المدينة } . ورواه مسلم . { ولأن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن الثنيا إلا أن تعلم . } وهذه معلومة ، ولأن المنفعة قد تقع مستثناة بالشرع على المشتري فيما إذا اشترى نخلة مؤبرة ، أو أرضا مزروعة ، أو دارا مؤجرة ، أو أمة مزوجة ، فجاز أن يستثنيها ، كما لو اشترط البائع الثمرة قبل التأبير ، ولم يصح { نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط . وإنما نهى عن شرطين في بيع }

                                                                                                                                            ، فمفهومه إباحة الشرط الواحد ، وقياسهم ينتقض باشتراط الخيار والتأجيل في الثمن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية