الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ويوم يحشر الآيات . أخرج الطبراني عن ابن عباس : ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون [ ص: 98 ] قال : يحبس أولهم على آخرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وأبي رزين، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : يوزعون قال : يدفعون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون قال : الوزعة الساقة من الملائكة يسوقونهم إلى النار، ويردون الآخر على الأول .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، عن قتادة في الآية قال : عليهم وزعة ترد أولهم على آخرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : فهم يوزعون قال : يحبسون بعضهم على بعض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي الضحى عن ابن عباس أنه قال [ ص: 99 ] لابن الأزرق : إن يوم القيامة يأتي على الناس منه حين لا ينطقون ولا يعتذرون ولا يتكلمون حتى يؤذن لهم، فيختصمون فيجحد الجاحد بشركه بالله تعالى فيحلفون له كما يحلفون لكم فيبعث الله عليهم حين يجحدون شهداء من أنفسهم؛ جلودهم وأبصارهم وأيديهم وأرجلهم ويختم على أفواههم ثم تفتح لهم الأفواه فتخاصم الجوارح فتقول : أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون فتقر الألسنة بعد الجحود .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر ، وابن مردويه، والبيهقي في "الأسماء والصفات" عن ابن مسعود قال : كنت مستترا بأستار الكعبة فجاء ثلاثة نفر؛ قرشي وثقفيان أو ثقفي وقرشيان كثير شحم بطونهم، قليل فقه قلوبهم، فتكلموا بكلام لم أسمعه فقال أحدهم : أترون أن الله يسمع كلامنا هذا؟ فقال الآخران : إنا إذا رفعنا أصواتنا سمعه وإذا لم نرفعه لم يسمعه . فقال الآخر : إن سمع منه شيئا سمعه كله . قال : فذكرت ذلك للنبي [ ص: 100 ] صلى الله عليه وسلم فأنزل الله : وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم إلى قوله : من الخاسرين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق وأحمد، والنسائي، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه والبيهقي في "البعث" عن معاوية بن حيدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تحشرون ههنا - وأومأ بيده إلى الشام - مشاة وركبانا وعلى وجوهكم وتعرضون على الله وعلى أفواهكم الفدام وإن أول ما يعرب عن أحدكم فخذه وكفه . وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن مجاهد في قوله : وما كنتم تستترون . قال : تتقون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة : وما كنتم تستترون . [ ص: 101 ] قال : ما كنتم تظنون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن السدي : وما كنتم تستترون قال : تستخفون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، والطيالسي، وعبد بن حميد، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، وابن مردويه، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله فإن قوما قد أرداهم سوء ظنهم بالله فقال الله عز وجل : وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية