الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : تتنزل عليهم الملائكة الآية . أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن مجاهد في قوله : تتنزل عليهم الملائكة قال : عند الموت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في الآية قال : ألا تخافوا مما تقدمون عليه من الموت وأمر الآخرة، ولا تحزنوا على ما خلفتم من أمر دنياكم؛ من ولد أو أهل أو دين، فإنا سنخلفكم في ذلك كله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن [ ص: 107 ] زيد بن أسلم قال : يؤتى المؤمن عند الموت فيقال له : لا تخف مما أنت قادم عليه فيذهب خوفه - ولا تحزن على الدنيا ولا على أهلها، وأبشر بالجنة . فيموت وقد أقر الله عينه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم ، عن زيد بن أسلم في الآية قال : يبشر بها عند موته وفي قبره ويوم يبعث فإنه لفي الجنة وما ذهبت فرحة البشارة من قلبه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : لا تخافوا ما أمامكم، ولا تحزنوا على ما خلفكم من ضيعتكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا في "ذكر الموت"، عن علي بن أبي طالب قال : حرام على كل نفس أن تخرج من الدنيا حتى تعلم أين مصيرها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في "الحلية" عن مجاهد قال : إن المؤمن ليبشر بصلاح ولده من بعده لتقر عينه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، والنسائي، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه . قلنا : يا [ ص: 108 ] رسول الله، كلنا نكره الموت . قال : ليس ذلك كراهية الموت، ولكن المؤمن إذا حضر، جاءه البشير من الله بما هو صائر إليه، فليس شيء أحب إليه من أن يكون لقي الله، فأحب الله لقاءه، وإن الفاجر والكافر إذا حضر جاءه بما هو صائر إليه من الشر فكره لقاء الله فكره الله لقاءه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم ، عن ثابت أنه قرأ السجدة حتى بلغ : تتنزل عليهم الملائكة فوقف فقال : بلغنا أن العبد المؤمن حين يبعثه الله من قبره يتلقاه ملكاه اللذان كانا معه في الدنيا فيقولان له : لا تخف ولا تحزن، وأبشر بالجنة التي كنت توعد، فيؤمن الله خوفه ويقر عينه، فما عظيمة يخشى الناس يوم القيامة ألا وهي للمؤمن قرة عين لما هداه الله، ولما كان يعمل في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المبارك ، وعبد بن حميد، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد : نحن أولياؤكم الآية . قال : رفقاؤكم في الدنيا، لا نفارقكم حتى ندخل معكم الجنة . ولفظ عبد بن حميد قال : قرناؤهم الذين معهم في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قالوا : لن نفارقكم حتى ندخلكم الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 109 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية