الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ( 108 ) )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : في حاضري المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم رجال يحبون أن ينظفوا مقاعدهم بالماء إذا أتوا الغائط ، والله يحب المتطهرين بالماء .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

17225 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب قال : لما نزل : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما الطهور الذي أثنى الله عليكم ؟ قالوا : يا رسول الله ، نغسل أثر الغائط . [ ص: 483 ] 17226 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل قباء : " إن الله قد أحسن عليكم الثناء في الطهور ، فما تصنعون ؟ " قالوا : إنا نغسل عنا أثر الغائط والبول .

17227 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : لما نزلت : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا معشر الأنصار ، ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم فيه ؟ قالوا : إنا نستطيب بالماء إذا جئنا من الغائط .

17228 - حدثني جابر بن الكردي قال : حدثنا محمد بن سابق قال : حدثنا مالك بن مغول ، عن سيار أبي الحكم ، عن شهر بن حوشب ، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال : قام علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألا أخبروني فإن الله قد أثنى عليكم بالطهور خيرا ؟ فقالوا : يا رسول الله ، إنا نجد عندنا مكتوبا في التوراة : الاستنجاء بالماء . [ ص: 484 ] 17229 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا [ يحيى بن رافع ] ، عن مالك بن مغول قال : سمعت سيارا أبا الحكم غير مرة يحدث عن شهر بن حوشب ، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال : لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل قباء قال : إن الله قد أثنى عليكم بالطهور خيرا يعني قوله : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) قالوا : إنا نجده مكتوبا عندنا في التوراة : الاستنجاء بالماء .

17230 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا [ يحيى بن رافع ] ، قال : حدثنا مالك بن مغول ، عن سيار ، عن شهر بن حوشب عن محمد بن عبد الله بن سلام قال يحيى : ولا أعلمه إلا عن أبيه قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل قباء : إن الله قد أثنى عليكم في الطهور خيرا ! قالوا : إنا نجده [ ص: 485 ] مكتوبا علينا في التوراة : الاستنجاء بالماء . وفيه نزلت : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) . [ ص: 486 ] 17231 - حدثني عبد الأعلى بن واصل قال : حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري قال : حدثنا أبو أويس المدني ، عن شرحبيل بن سعد ، عن عويم بن ساعدة وكان من أهل بدر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل قباء : إني أسمع الله قد أثنى عليكم الثناء في الطهور ، فما هذا الطهور ؟ قالوا : يا رسول الله ، ما نعلم شيئا ، إلا أن جيرانا لنا من اليهود رأيناهم يغسلون أدبارهم من الغائط ، فغسلنا كما غسلوا .

[ ص: 487 ] 17232 - حدثني محمد بن عمارة قال : حدثنا محمد بن سعيد قال : حدثنا إبراهيم بن محمد ، عن شرحبيل بن سعد قال : سمعت خزيمة بن ثابت يقول : نزلت هذه الآية : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) قال : كانوا يغسلون أدبارهم من الغائط .

17233 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن أبي ليلى عن عامر قال : كان ناس من أهل قباء يستنجون بالماء . فنزلت : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) .

17234 - حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا شبابة بن سوار ، عن شعبة ، عن مسلم القري قال : قلت لابن عباس : أصب على رأسي ؟ - وهو محرم - قال : ألم تسمع الله يقول : ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) ؟

17235 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا حفص عن داود وابن أبي ليلى ، عن الشعبي ، قال : لما نزلت : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل قباء : ما هذا الذي أثنى الله عليكم ؟ قالوا : ما منا من أحد إلا وهو يستنجي من الخلاء .

17236 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم ، عن عبد الحميد المدني ، عن إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعويم بن ساعدة : ما هذا الذي أثنى الله عليكم : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) ؟ قال : نوشك أن نغسل الأدبار بالماء . [ ص: 488 ] 17237 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال : أخبرنا أبو جعفر ، عن حصين ، عن موسى بن أبي كثير قال : بدء حديث هذه الآية في رجال من الأنصار من أهل قباء : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) فسألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا : نستنجي بالماء .

17238 - حدثني المثنى قال : حدثنا أصبغ بن الفرج قال : أخبرني ابن وهب قال : أخبرني يونس ، عن أبي الزناد قال : أخبرني عروة بن الزبير ، عن عويم بن ساعدة من بني عمرو بن عوف ومعن بن عدي من بني العجلان وأبي الدحداح فأما عويم بن ساعدة فهو الذي بلغنا أنه قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من الذين قال الله فيهم : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم الرجال منهم : عويم بن ساعدة لم يبلغنا أنه سمى منهم رجلا غير عويم . [ ص: 489 ] 17239 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن هشام بن حسان قال : حدثنا الحسن قال : لما نزلت هذه الآية : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما هذا الذي ذكركم الله به في أمر الطهور ، فأثنى به عليكم ؟ قالوا : نغسل أثر الغائط والبول .

17240 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن مالك بن مغول قال : سمعت سيارا أبا الحكم يحدث ، عن شهر بن حوشب ، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أو قال : قدم علينا رسول الله فقال : إن الله قد أثنى عليكم في الطهور خيرا أفلا تخبروني ؟ " قالوا : يا رسول الله ، إنا نجد علينا مكتوبا في التوراة : الاستنجاء بالماء . قال مالك : يعني قوله : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) .

17241 - حدثني أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية قال : لما نزلت هذه الآية : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) سألهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما طهوركم هذا الذي ذكر الله ؟ [ ص: 490 ] قالوا : يا رسول الله ، كنا نستنجي بالماء في الجاهلية ، فلما جاء الإسلام لم ندعه . قال : فلا تدعوه .

17242 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : كان في مسجد قباء رجال من الأنصار يوضئون سفلتهم بالماء ، يدخلون النخل والماء يجري فيتوضئون ، فأثنى الله بذلك عليهم . فقال : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) الآية .

17243 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا طلحة بن عمرو ، عن عطاء قال : أحدث قوم الوضوء بالماء من أهل قباء ، فنزلت فيهم : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) .

وقيل : ( والله يحب المطهرين ) وإنما هو : " المتطهرين " ولكن أدغمت التاء في الطاء ، فجعلت طاء مشددة ؛ لقرب مخرج إحداهما من الأخرى .

التالي السابق


الخدمات العلمية