الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى

                                                                                                                                                                                                                                      قالا ربنا أسند القول إليهما ، مع أن القائل حقيقة هو موسى عليه الصلاة والسلام بطريق التغليب إيذانا بأصالته في كل قول وفعل ، وتبعية هارون عليه السلام له في كل ما يأتي ويذر . ويجوز أن يكون هارون قد قال ذلك بعد تلاقيهما ، فحكى ذلك مع قول موسى عليه السلام عند نزول الآية ، كما في قوله تعالى : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات فإن هذا الخطاب قد حكي لنا بصيغة الجمع مع أن كلا من المخاطبين لم يخاطب إلا بطريق الانفراد ضرورة استحالة اجتماعهم في الوجود ، فكيف باجتماعهم في الخطاب ؟

                                                                                                                                                                                                                                      إننا نخاف أن يفرط علينا أي : يعجل علينا بالعقوبة ، ولا يصبر إلى إتمام الدعوة وإظهار المعجزة من فرط إذا تقدم . ومنه الفارط ، وفرس فارط يسبق الخيل . وقرئ : "يفرط" من أفرطه إذا حمله على العجلة ، أي : نخاف أن يحمله حامل من الاستكبار أو الخوف على الملك أو غيرهما على المعاجلة بالعقاب .

                                                                                                                                                                                                                                      أو أن يطغى أي : يزداد طغيانا إلى أن يقول في شأنك ما لا ينبغي لكمال جراءته وقساوته وإطلاقه من حسن الأدب . وإظهار كلمة "أن" مع سداد المعنى بدونه لإظهار كمال الاعتناء بالأمر والإشعار بتحقق الخوف من كل منهما .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية