الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2952 ) فصل : وقبض كل شيء بحسبه ، فإن كان مكيلا ، أو موزونا ، بيع كيلا ، أو وزنا ، فقبضه بكيله ووزنه . وبهذا قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : التخلية في ذلك قبض . وقد روى أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى ، أن القبض في كل شيء بالتخلية مع التمييز ; لأنه خلى بينه وبين المبيع من غير حائل ، فكان قبضا له ، كالعقار .

                                                                                                                                            ولنا ، ما روى أبو هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا بعت فكل ، وإذا ابتعت فاكتل } رواه البخاري . وعن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان ; صاع البائع ، وصاع المشتري } . رواه ابن ماجه ، وهذا فيما بيع كيلا . وإن بيع جزافا ، فقبضه نقله ; لأن ابن عمر قال : كانوا { يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعاما جزافا ، أن يبيعوه في مكانه حتى يحولوه ، } . وفي لفظ { : كنا نبتاع الطعام جزافا ، فبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من مكانه الذي ابتعناه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه } . وفي لفظ { : كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا ، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله } . رواهن مسلم . وهذا يبين أن الكيل إنما وجب فيما بيع بالكيل ، وقد دل على ذلك أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم { : إذا سميت الكيل فكل } . رواه الأثرم . وإن كان المبيع دراهم أو دنانير ، فقبضها باليد . وإن كان ثيابا ، فقبضها نقلها .

                                                                                                                                            وإن كان حيوانا ، فقبضه تمشيته من مكانه . وإن كان مما لا ينقل ويحول ، فقبضه التخلية بينه وبين مشتريه لا حائل دونه . وقد ذكره الخرقي في باب الرهن ، فقال : إن كان مما ينقل ، فقبضه أخذه إياه من راهنه منقولا ، وإن كان مما لا ينقل ، فقبضه تخلية راهنه بينه وبين مرتهنه لا حائل دونه . ولأن القبض مطلق في الشرع ، فيجب الرجوع فيه إلى العرف ، كالإحراز ، والتفرق . والعادة في قبض هذه الأشياء ما ذكرنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية