الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            أبواب موجبات الغسل باب الغسل من المني

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قال النووي : الغسل إذا أريد به الماء فهو مضموم الغين وإذا أريد به المصدر فيجوز بضم الغين وفتحها لغتان مشهورتان ، وبعضهم يقول : إن كان مصدرا لغسلت فهو بالفتح كضربت ضربا وإن كان بمعنى الاغتسال فهو بالضم كقولنا : غسل الجمعة مسنون وكذلك الغسل من الجنابة واجب وما أشبهه . وأما ما ذكره بعض من صنف في لحن الفقهاء من أن قولهم غسل الجنابة والجمعة ونحوهما بالضم لحن فهو خطأ منه ، بل الذي قالوه صواب كما ذكرنا ، وأما الغسل بكسر الغين فهو اسم لما يغسل به الرأس من خطمي وغيره . باب الغسل من المني .

                                                                                                                                            286 - عن علي عليه السلام قال : { كنت رجلا مذاء فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : في المذي الوضوء وفي المني الغسل } رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه . ولأحمد فقال : { إذا حذفت الماء فاغتسل من الجنابة فإذا لم تكن حاذفا فلا تغتسل } . قال الترمذي وقد روي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه ، وأخرج الحديث أيضا أبو داود والنسائي ، وأخرجه البخاري ومسلم من حديث علي مختصرا ، وفي إسناد الحديث الذي صححه الترمذي يزيد بن أبي زياد قال علي ويحيى : ضعيف لا يحتج به . وقال ابن المبارك : ارم به . وقال أبو حاتم الرازي : ضعيف الحديث كل أحاديثه موضوعة وباطلة . وقال البخاري : منكر الحديث ذاهب . وقال النسائي : متروك الحديث . وقال ابن حبان : صدوق إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير وكان يتلقن ما لقن فوقعت المناكير في حديثه فسماع من سمع منه قبل التغير صحيح ، والترمذي قد صحح حديث يزيد المذكور في مواضع هذا أحدها .

                                                                                                                                            وفي حديث : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم ) وفي حديث : ( إن العباس دخل على النبي صلى الله عليه وسلم مغضبا ) وقد حسن أيضا حديثه في حديث : ( أنها أدخلت العمرة في الحج ) فلعل التصحيح والتحسين من مشاركة الأمور الخارجة عن نفس [ ص: 275 ] السند من اشتهار المتون ونحو ذلك وإلا فيزيد ليس من رجال الحسن فكيف الصحيح . وأيضا الحديث من رواية ابن أبي ليلى عن علي ، وقد قيل : إنه لم يسمع منه .

                                                                                                                                            وفي الباب عن المقداد بن الأسود عند أبي داود والنسائي وابن ماجه . وعن أبي بن كعب عند ابن أبي شيبة وغيره .

                                                                                                                                            والحديث يدل على عدم وجوب الغسل من المذي وأن الواجب الوضوء ، وقد تقدم الكلام في ذلك في باب ما جاء في المذي من أبواب تطهير النجاسات .

                                                                                                                                            ويدل على وجوب الغسل من المني ، قال الترمذي : وهو قول عامة أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ، وبه يقول سفيان والشافعي وأحمد وإسحاق . قوله : ( حذفت ) يروى بالحاء المهملة والخاء المعجمة بعدها ذال معجمة مفتوحة ثم فاء وهو الرمي وهو لا يكون بهذه الصفة إلا لشهوة ولهذا قال المصنف : وفيه تنبيه على أن ما يخرج لغير شهوة إما لمرض أو أبردة لا يوجب الغسل انتهى .

                                                                                                                                            287 - ( وعن أم سلمة { أن أم سليم قالت : يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت ؟ قال : نعم إذا رأت الماء فقالت أم سلمة وتحتلم المرأة ، فقال : تربت يداك فبما يشبهها ولدها . } متفق عليه ) . للحديث ألفاظ عند الشيخين ، ورواه مسلم من حديث أنس عن أم سليم ومن حديث عائشة " أن امرأة سألت " ، وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه .

                                                                                                                                            وفي الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " أن بسرة سألت " أخرجه ابن أبي شيبة . وعن أبي هريرة أخرجه الطبراني في الأوسط . وعن خولة بنت حكيم أخرجه النسائي .

                                                                                                                                            قولها : " إن الله لا يستحي " جعلت هذا القول تمهيدا لعذرها في ذكر ما يستحيا منه ، والمراد بالحياء هنا معناه اللغوي إذ الحياء الشرعي على خير كله ، والمراد أن الله تعالى لا يأمر بالحياء في الحق أو لا يمنع من ذكر الحق ; لأن الحياء تغير وانكسار وهو مستحيل عليه وقيل : إنما يحتاج إلى التأويل في الإثبات ولا يحتاج إليه في النفي ، قوله . ( احتلمت ) الاحتلام : افتعال من الحلم بضم المهملة وسكون اللام وهو ما يراه النائم في نومه ، المراد به هنا أمر خاص هو الجماع .

                                                                                                                                            وفي رواية أحمد من حديث أم سليم أنها قالت : ( إذا رأت أن زوجها يجامعها في المنام أتغتسل ) . قوله : ( إذا رأت الماء ) أي المني بعد الاستيقاظ . قولها : ( وتحتلم المرأة ) بحذف همزة الاستفهام ، في بعض نسخ البخاري بإثباتها . قوله : ( تربت يداك ) أي افتقرت وصارت على التراب وهو من الألفاظ التي تطلق عند الزجر ولا يراد بها ظاهرها .

                                                                                                                                            قوله : ( فبما يشبهها ولدها ) بالباء الموحدة وإثبات ألف ما [ ص: 276 ] الاستفهامية المجرورة وهو لغة ، والحديث يدل على وجوب الغسل على المرأة بإنزالها الماء .

                                                                                                                                            قال ابن بطال والنووي : وهذا لا خلاف فيه ، وقد روي الخلاف في ذلك عن النخعي . وفي الحديث رد على من قال : إن ماء المرأة لا يبرز . .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية