الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ترتيب الصفوف وجعل سيم وشعار يعرف وكراهة رفع الصوت 3308 - ( عن أبي أيوب قال { : صففنا يوم بدر ، فبدرت منا بادرة أمام الصف ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : معي معي } ) .

                                                                                                                                            3309 - ( وعن عمار بن ياسر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب للرجل أن يقاتل تحت راية قومه } . رواهما أحمد ) .

                                                                                                                                            3310 - ( وعن المهلب بن أبي صفرة عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { إن بيتكم العدو فقولوا : حم لا ينصرون } . رواه أحمد وأبو داود والترمذي ) .

                                                                                                                                            3311 - ( وعن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنكم ستلقون العدو غدا فإن شعاركم حم لا ينصرون } . رواه أحمد ) .

                                                                                                                                            3312 - ( وعن سلمة بن الأكوع قال { : غزونا مع أبي بكر زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان شعارنا : أمت أمت } . رواه أحمد وأبو داود ) .

                                                                                                                                            3313 - ( وعن الحسن عن قيس بن عباد قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوت عند القتال ) .

                                                                                                                                            3314 - ( وعن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك . رواهما أبو داود ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث أبي أيوب قال في مجمع الزوائد : في إسناده ابن لهيعة وفيه ضعف . والصحيح أن أبا أيوب لم يشهد بدرا . ا هـ . وحديث عمار قال في مجمع الزوائد : إسناده منقطع . [ ص: 286 ] قال : وأخرجه أبو يعلى والبزار والطبراني ، وفي إسناده إسحاق بن أبي إسحاق الشيباني ولم يضعفه أحد وبقية رجاله ثقات ا هـ . وقد أخرج نحو حديث أبي أيوب الترمذي من حديث عبد الرحمن بن عوف والبزار من طريق عكرمة عن ابن عباس عنه قال : { عبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم } وهو عند البخاري من حديث مروان والمسور في قصة الفتح وقصة أبي سفيان قال : { ثم مرت كتيبة لم ير مثلها ، فقال : من هؤلاء ؟ قيل له : الأنصار عليهم سعد بن عبادة ومعه الراية وفيه : وجاءت كتيبة النبي صلى الله عليه وسلم ورايته مع الزبير } الحديث بطوله ، وهو شاهد لحديث عمار بن ياسر المذكور .

                                                                                                                                            وأخرج البخاري وأبو داود من حديث حمزة بن أبي أسيد عن أبيه قال { : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اصطففنا يوم بدر : إذا أكثبوكم ، يعني إذا غشوكم فارموهم بالنبل واستبقوا نبلكم } .

                                                                                                                                            وحديث المهلب ذكر الترمذي أنه روي عن المهلب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، وأخرجه الحاكم موصولا وقال : صحيح قال : والرجل الذي لم يسمه المهلب هو البراء . ورواه النسائي من هذا الوجه بلفظ : " حدثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " وحديث البراء أخرجه أيضا النسائي والحاكم .

                                                                                                                                            وحديث سلمة بن الأكوع أخرجه النسائي وابن ماجه وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص . وأخرجه الحاكم من حديث عائشة : { جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شعار المهاجرين يوم بدر عبد الرحمن والخزرج عبد الله } الحديث . وأخرج أيضا عن ابن عباس رفعه { جعل الشعار للأزد يا مبرور يا مبرور } .

                                                                                                                                            وفي الباب عن سمرة بن جندب عند أبي داود قال : { كان شعار المهاجرين عبد الله ، وشعار الأنصار عبد الرحمن } وهو من رواية الحسن عنه ، وفي سماعه منه خلاف قد مر غير مرة ، وفي إسناده الحجاج بن أرطاة ولا يحتج بحديثه .

                                                                                                                                            وحديث قيس بن عباد وأبي بردة سكت عنهما أبو داود والمنذري ورجالهما رجال الصحيح .

                                                                                                                                            قوله : ( صففنا يوم بدر . . . إلخ ) فيه دليل على مشروعية الاصطفاف حال القتال لما في ذلك من الترهيب على العدو والتقوية للجيش ، ولكونه محبوبا لله تعالى قال عز وجل : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص } . قوله : ( أن يقاتل تحت راية قومه ) إنما كان ذلك مشروعا لما يتكلمه الإنسان من إظهاره القوة والجلادة إذا كان بمرأى من قومه ومسمع ، بخلاف ما إذا كان في غير قومه فإنه لا يفعل كفعله بين قومه لما جبلت عليه النفوس من محبة ظهور المحاسن بين العشيرة وكراهة ظهور المساوي بينهم ، ولهذا أفرد صلى الله عليه وسلم كل قبيلة من القبائل التي غزت معه غزوة الفتح بأميرها ورايتها كما يحكي ذلك كتب الحديث والسير .

                                                                                                                                            قوله : ( حم لا ينصرون ) هذا اللفظ فيه التفاؤل بعدم انتصار الخصم مع حصول الغرض بالشعار وهو العلامة في الحرب ، يقال : نادوا بشعارهم أو جعلوا لأنفسهم شعارا . والمراد أنهم جعلوا [ ص: 287 ] العلامة بينهم لمعرفة بعضهم بعضا في ظلمة الليل هو التكلم عند أن يهجم عليه العدو بهذا اللفظ . قوله : ( أمت أمت ) أمر بالموت ، وفيه التفاؤل بموت الخصم .

                                                                                                                                            وفي لفظ : " يا منصور أمت أمت " .

                                                                                                                                            وفي آخر : " يا منص " وهو ترخيم منصور محذوف الراء والواو . قوله : ( يكرهون الصوت عند القتال ) فيه دليل على أن رفع الصوت حال القتال وكثرة اللغط والصراخ مكروهة ، ولعل وجه كراهتهم لذلك أن التصويت في ذلك الوقت ربما كان مشعرا بالفزع والفشل بخلاف الصمت فإنه دليل الثبات ورباط الجأش .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية