الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              كتاب الإحداد

                                                                                                                                                                              ذكر الإحداد في العدة للمتوفى عنهن والمطلقات

                                                                                                                                                                              قال الله - جل من قائل - : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: فكان الواجب على ظاهر هذه الآية تتربص المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا تفعل فيها ما كانت تفعله قبل وفاته، فلما ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله أن تحد على ميت فوق ثلاث". وجب اتباعه، والقول به لما فرض الله من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير آية من كتابه .

                                                                                                                                                                              7785 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله النيسابوري، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته أنها سمعت حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج" . [ ص: 562 ]

                                                                                                                                                                              7786 - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرني ابن وهب، أخبرني سفيان بن عيينة، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل لامرأة تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: هذا الحديث يدل على معاني ذوات عدد، فمن ذلك: تحريم إحداد المسلمات من النساء على غير أزواجهن [فوق] ثلاث، ومنها أن المأمور بالإحداد الزوجة المسلمة دون اليهودية والنصرانية، وإن كانت زوجة مسلم، لأن قوله: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله" دليل على أن الذمية لم تخاطب بذلك، ومنها الدلالة على أن المخاطب بالإحداد من الزوجات من عدتها الشهور دون الحوامل منهن .

                                                                                                                                                                              7787 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن الجراح مولى أم حبيبة، عن أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر - أو قال: تؤمن بالله ورسوله - تحد على هالك فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا" . [ ص: 563 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: هذا الذي يدل عليه ظاهر هذا الحديث وقد قاله بعض من لقيته من أهل العلم من أصحابنا، فإن لم يكن في ذلك إجماع فهو مسلم له، وليس فيه إجماع، لأن الحسن البصري كان لا يرى الإحداد، ومنها وجوب الإحداد على جميع الزوجات المسلمات مدخولا بهن وغير مدخول بهن لدخولهن في جملة من خوطبت بالإحداد في عدة الوفاة إذا كانت العدة بالشهور، ويدخل فيما ذكرناه الحرة تحت العبد، والأمة تحت الحر، والعبد، والمكاتبة، والمدبرة، وأم الولد المزوجة يتوفى عنهن أزواجهن، والمرأة يطلقها زوجها طلاقا يملك زوجها رجعتها ثم يتوفى عنها قبل انقضاء عدتها إذ [أحكامها] أحكام الأزواج إلى أن توفي عنها .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية