الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين )

                                                                                                                                                                                                                                            في الآية مباحث نذكرها في معرض السؤال والجواب .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 135 ] السؤال الأول : " الفاء " في قوله : ( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ) يقتضي تعلقا بما تقدم ، فما ذلك الشيء ؟

                                                                                                                                                                                                                                            والجواب : قوله : ( فكلوا ) مسبب عن إنكار اتباع المضلين الذين يحللون الحرام ويحرمون الحلال ، وذلك أنهم كانوا يقولون للمسلمين : إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله فما قتله الله أحق أن تأكلوه مما قتلتموه أنتم . فقال الله للمسلمين : إن كنتم متحققين بالإيمان فكلوا مما ذكر اسم الله عليه وهو المذكى ببسم الله .

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الثاني : القوم كانوا يبيحون أكل ما ذبح على اسم الله ولا ينازعون فيه ، وإنما النزاع في أنهم أيضا كانوا يبيحون أكل الميتة ، والمسلمون كانوا يحرمونها ، وإذا كان كذلك كان ورود الأمر بإباحة ما ذكر اسم الله عليه عبثا لأنه يقتضي إثبات الحكم في المتفق عليه وترك الحكم في المختلف فيه .

                                                                                                                                                                                                                                            والجواب : فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : لعل القوم كانوا يحرمون أكل المذكاة ويبيحون أكل الميتة ، فالله تعالى رد عليهم في الأمرين ، فحكم بحل المذكاة بقوله : ( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ) وبتحريم الميتة بقوله : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن نحمل قوله : ( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ) على أن المراد اجعلوا أكلكم مقصورا على ما ذكر اسم الله عليه ، فيكون المعنى على هذا الوجه تحريم أكل الميتة فقط .

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الثالث : قوله : ( فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ) صيغة الأمر ، وهي للإباحة . وهذه الإباحة حاصلة في حق المؤمن وغير المؤمن ، وكلمة " إن " في قوله : ( إن كنتم بآياته مؤمنين ) تفيد الاشتراط .

                                                                                                                                                                                                                                            والجواب : التقدير ليكن أكلكم مقصورا على ما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين والمراد أنه لو حكم بإباحة أكل الميتة لقدح ذلك في كونه مؤمنا .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية