الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون "أم "؛ هي "أم "؛ المنقطعة؛ وهي تدل على الإضراب؛ وهمزتها للاستفهام؛ والمعنى: بل ألهم آلهة؟! والإضراب انتقالي من لوم إلى لوم؛ لامهم - سبحانه - على إنكارهم كلاءة الله (تعالى) لهم؛ ثم أنكر عليهم اتخاذهم آلهة يحسبون أنها تمنعهم من عذاب؛ أو مما ينزل بالليل؛ والنهار؛ والاستفهام المستفاد بـ "أم "؛ بمعنى "بل لهم آلهة "؛ استفهام إنكاري؛ بمعنى إنكار الواقع؛ وإنكار الواقع تأنيب ولوم؛ فقوله: أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا إنكار لما يعتقدون من أن آلهتهم تمنعهم دون أن يمنعهم الله؛ فقوله: "من دوننا "؛ معناها: غيرنا؛ ووصف الآلهة التي زعموها بوصف؛ ووصفهم بوصف؛ أما وصف آلهتهم فبقوله (تعالى): لا يستطيعون نصر أنفسهم أي أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا؛ ولا ضرا؛ ولا نصرا؛ فكيف ينصرون غيرهم؛ وهم لا يملكون لأنفسهم شيئا؟! وكان الضمير على الأوثان ضمير العقلاء؛ مجاراة لهم في عبادتهم؛ وليس اعترافا بأنها تعقل؛ الوصف الثاني: وصف المشركين؛ وهو قوله (تعالى): ولا هم منا يصحبون أي يجارون؛ وهذا تفسير ابن عباس الذي رواه عنه مجاهد ؛ واختاره الطبري ؛ ونحن نوافقه في هذا الاختيار؛ والمعنى - على هذا -: لا تنصرهم أوثانهم؛ والله لا يصحبهم بجوار يمنعهم؛ لأنهم مشركون؛ ولا جوار من الله لمن يشرك به؛ ولا يعبده وحده.

                                                          ولقد أشار - سبحانه - إلى السبب في إصرارهم على الشرك؛ ومعاندتهم لدعوة التوحيد؛ فقال - عز من قائل -: [ ص: 4871 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية