الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        يستحب أن يخطب خطبتين بعد الصلاة ، وأركانهما وشرائطهما كما تقدم في العيد . لكن تخالفها في أمور . منها : أنه يبدل التكبيرات المشروعة في أولهما بالاستغفار فيقول : ( أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ) . ويختم كلامه بالاستغفار ، ويكثر منه في الخطبة ، ومن قوله : ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا . . . ) الآية . [ نوح : 10 ] . ولنا وجه حكاه في ( البيان ) عن المحاملي : أنه يكبر هنا في ابتداء الخطبة كالعيد ، والمعروف الأول .

                                                                                                                                                                        ومنها : أن يستقبل القبلة في الخطبة الثانية ، كما سنذكره - إن شاء الله تعالى - .

                                                                                                                                                                        ومنها : أنه يستحب أن يدعو في الأولى : ( اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا سحا طبقا دائما ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، [ ص: 94 ] اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكو إلا إليك ، اللهم أنبت لنا الزرع ، وأدر لنا الضرع ، واسقنا من بركات السماء ، وأنبت لنا من بركات الأرض ، اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري ، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك ، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا ، فأرسل السماء علينا مدرارا ) ويكون في الخطبة الأولى وصدر الثانية ، مستقبل الناس ، مستدبر القبلة ، ثم يستقبل القبلة ، ويبالغ في الدعاء سرا وجهرا ، وإذا أسر دعا الناس سرا ، ويرفعون أيديهم في الدعاء . وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى وأشار بظهر كفيه إلى السماء . قال العلماء : السنة لكل من دعا لرفع بلاء ، أن يجعل ظهر كفيه إلى السماء ، وإذا سأل شيئا جعل بطن كفيه إلى السماء .

                                                                                                                                                                        قلت : الحديث المذكور ، في ( صحيح مسلم ) . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        قال الشافعي - رحمه الله - : وليكن من دعائهم في هذه الحالة ( اللهم أنت أمرتنا بدعائك ، ووعدتنا إجابتك ، وقد دعوناك كما أمرتنا ، فأجبنا كما وعدتنا ، اللهم امنن علينا بمغفرة ما قارفنا ، وإجابتك في سقيانا وسعة رزقنا ) . فإذا فرغ من الدعاء أقبل بوجهه على الناس وحثهم على طاعة الله ، وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ودعا للمؤمنين والمؤمنات ، وقرأ آية أو آيتين ، ويقول : ( أستغفر الله لي ولكم ) . هذا لفظ الشافعي - رضي الله عنه - . ويستحب عند تحوله إلى القبلة ، أن يحول رداءه . وهل ينكسه مع التحويل ؟ قولان . الجديد : نعم . والقديم : لا . فالتحويل : أن يجعل ما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر ، وبالعكس . والتنكيس : أن يجعل أعلاه أسفله ، ومتى جعل الطرف الأسفل الذي على شقه الأيسر على عاتقه الأيمن ، والطرف الأسفل الذي على شقه الأيمن على عاتقه الأيسر ، حصل التحويل والتنكيس جميعا ، هذا في الرداء المربع ، فأما المقور والمثلث ، فليس فيه إلا التحويل . ويفعل الناس بأرديتهم كفعل الإمام تفاؤلا بتغير الحال إلى الخصب ، ويتركونها محولة إلى أن ينزعوا الثياب .

                                                                                                                                                                        [ ص: 95 ] قلت : قال الشافعي ، والأصحاب - رحمهم الله تعالى - : إذا ترك الإمام الاستسقاء ، لم يتركه الناس . ولو خطب قبل الصلاة ، قال صاحب ( التتمة ) : يجوز وتصح الخطبة والصلاة ، ويحتج لها بما ثبت في الحديث الصحيح الصريح في ( سنن أبي داود ) وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب ثم صلى . وفي صحيحي ( البخاري ) و ( مسلم ) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يستسقي فدعا ، واستقبل القبلة وحول رداءه ، ثم صلى ركعتين . قال أصحابنا : وإذا كثرت الأمطار وتضررت بها المساكن والزروع ، فالسنة أن يسألوا الله تعالى دفعه ( اللهم حوالينا ولا علينا ) . قال الشافعي والأصحاب : ولا يشرع لذلك صلاة ، ويستحب أن يبرز لأول مطر يقع في السنة ويكشف من بدنه ما عدا عورته ليصيبه المطر ، وأن يغتسل في الوادي إذا سال ، أو يتوضأ ، ويسبح عند الرعد والبرق ، ولا يتبع بصره البرق . والسنة أن يقول عند نزول المطر : ( اللهم صيبا نافعا ) رواه البخاري في ( صحيحه ) . وفي رواية ابن ماجه : ( سيبا نافعا ) مرتين أو ثلاثا ، فيستحب الجمع بينهما . وقد أوضحت ذلك مع زوائد ونفائس تتعلق به في كتاب ( الأذكار ) الذي لا يستغني متدين عن معرفة مثله . ويكره سب الريح ، فإن كرهها ، سأل الله تعالى الخير ، واستعاذ من الشر . وفي ( صحيح مسلم ) أن النبي - صلى الله عليه وسلم -

                                                                                                                                                                        [ كان ] إذا عصفت الريح قال : ( اللهم إني أسألك خيرها ، وخير ما فيها ، وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها ، وشر ما فيها ، وشر ما أرسلت به
                                                                                                                                                                        ) ويستحب أن يقول بعد المطر : ( مطرنا بفضل الله ورحمته ) . ويستحب الدعاء عند نزول المطر ، ويشكر الله تعالى عليه . ويكره أن يقول : مطرنا بنوء كذا ، فإن اعتقد أن النوء هو الممطر الفاعل حقيقة ، كفر فصار مرتدا . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية