الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              385 [ ص: 451 ] (باب الاستجمار بالأحجار والمنع من الروث والعظم)

                                                                                                                              وقال النووي: (باب الاستطابة).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص152 ج3 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن سلمان ، قال: قيل له: قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة، قال: فقال: أجل؛ لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو بعظم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن سلمان رضي الله عنه، قال: (قيل له: قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة) بكسر الخاء وتخفيف الراء، وبالمد هي: اسم لهيئة الحدث. وأما نفس الحدث فبحذف التاء. وبالمد، مع فتح الخاء وكسرها.

                                                                                                                              "قال: فقال: أجل" بتخفيف اللام معناه "نعم".

                                                                                                                              ومراد "سلمان": أنه علمنا كل ما نحتاج إليه في ديننا حتى "الخراءة" التي ذكرت أيها القائل؛ فإنه علمنا آدابها.

                                                                                                                              فمن آدابها، أنه: "لقد نهانا أن نستقبل "القبلة" بغائط [ ص: 452 ] أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار).

                                                                                                                              هذا نص صريح صحيح في أن الاستنجاء بثلاث مسحات واجب لا بد منه.

                                                                                                                              وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء؛ وقد تعلق بظاهر هذا الحديث بعض أهل الظاهر. وقالوا: الحجر متعين لا يجزي غيره.

                                                                                                                              وذهب العلماء كافة من الطوائف كلها، إلى قيام غيره مقامه، كالخزف والخشب، وغير ذلك.

                                                                                                                              وأن المعنى فيه كونه مزيلا منقيا، وهذا يحصل بغير الحجر.

                                                                                                                              وإنما قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة أحجار"، لكونها الغالب المتيسر. فلا يكون له مفهوم.

                                                                                                                              ويدل على عدم تعيينه نهيه صلى الله عليه وسلم عن العظام، والبعير، وغيرهما. ولو كان الحجر متعينا، لنهى عما سواه مطلقا.

                                                                                                                              ثم هذا الحديث، وما في معناه من الأحاديث، أدلة مطلقة غير مقيدة، يكون تلك الأحجار للفرج الأعلى والأسفل، أو لهما جميعا.

                                                                                                                              فعلم أنه شرع الاستجمار لمن بال كما شرع لمن تغوط. وأن يكون بثلاثة أحجار.

                                                                                                                              ولم يرد ما يخالف هذا من شرع، ولا لغة.

                                                                                                                              والكلام على هذه المسألة يطول جدا. انظر "دليل الطالب" لنا واطلبها فيه.

                                                                                                                              [ ص: 453 ] وفي "المختصر"، للشوكاني؛ وعليه الاستجمار بثلاثة أحجار طاهرة، أو ما يقوم مقامها، والله أعلم.

                                                                                                                              "أو أن نستنجي برجيع، أو بعظم"، "فيه النهي عن الاستنجاء بالنجاسات.

                                                                                                                              ونبه "بالرجيع" على جنس النجس، فإن "الرجيع" هو الروث.

                                                                                                                              وأما "العظم" فطعام للجن، نبه به على "جميع المطعومات". وتلتحق به عند الفقهاء "المحترمات" كأجزاء الحيوانات، وأوراق كتب العلم، والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية