الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم

                                                                                                                                                                                                                                      فأتبعهم فرعون بجنوده أي : تبعهم ومعه جنوده حتى لحقوهم ، يقال : أتبعتهم أي تبعتهم ، وذلك إذا كانوا سبقوك فلحقتهم ، ويؤيده أنه قرئ : "فأتبعهم" من الافتعال . وقيل : المعنى : أتبعهم فرعون نفسه ، فحذف المفعول الثاني ، وقيل : الباء زائدة ، والمعنى : فأتبعهم فرعون جنوده ، أي : ساقهم خلفهم . وأيا ما كان فالفاء فصيحة معربة عن مضمر قد طوي ذكره ثقة بغاية ظهوره وإيذانا بكمال مسارعة موسى عليه الصلاة والسلام إلى الامتثال بالأمر : أي : ففعل ما أمر به من الإسراء بهم ، وضرب الطريق وسلوكه ، فأتبعهم فرعون بجنوده برا وبحرا . روي أن موسى عليه الصلاة والسلام خرج بهم أول الليل ، وكانوا ستمائة وسبعين ألفا ، فأخبر فرعون بذلك فأتبعهم بعساكره ، وكانت مقدمته سبعمائة ألف ، فقص أثرهم فلحقهم بحيث تراءى الجمعان ، فعند ذلك ضرب عليه الصلاة والسلام بعصاه البحر فانفلق على اثني عشر فرقا كل فرق كالطود العظيم ، فعبر موسى عليه الصلاة والسلام بمن معه من الأسباط سالمين وتبعهم فرعون بجنوده .

                                                                                                                                                                                                                                      فغشيهم من اليم ما غشيهم أي : علاهم منه ، وغمرهم ما غمرهم من الأمر الهائل الذي لا يقادر قدره ، ولا يبلغ كنهه . وقيل : غشيهم ما سمعت قصته وليس بذاك ، فإن مدار التهويل والتفخيم خروجه عن حدود الفهم والوصف لا سماع قصته . وقرئ : "فغشاهم من اليم ما غشاهم" أي : غطاهم ما غطاهم ، والفاعل هو الله عز وعلا ، أو ما غشاهم . وقيل فرعون لأنه الذي ورطهم للهلكة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية