الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2994 ) فصل : وكل تدليس يختلف الثمن لأجله ، مثل أن يسود شعر الجارية ، أو يجعده ، أو يحمر وجهها ، أو يضمر الماء على الرحا ، ويرسله عند عرضها على المشتري ، يثبت الخيار ; لأنه تدليس بما يختلف الثمن باختلافه فأثبت الخيار ، كالتصرية ، وبهذا قال الشافعي . ووافق أبو حنيفة في تسويد الشعر . وقال في تجعيده : لا يثبت به الخيار ; لأنه تدليس بما ليس بعيب ، أشبه ما لو سود أنامل العبد ، ليظنه كاتبا أو حدادا .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه تدليس بما يختلف به الثمن ، أشبه تسويد الشعر ، وأما تسويد الأنامل ، فليس بمختص بكونه كاتبا ; لأنه يحتمل أن يكون قد ولغ بالدواة ، أو كان غلاما لكاتب يصلح له الدواة ، فظنه كاتبا ، طمع لا يستحق به فسخا ، فإن حصل هذا من غير تدليس ، مثل أن يجتمع اللبن في الضرع من غير قصد ، أو احمر وجه الجارية لخجل أو تعب ، أو تسود شعرها بشيء وقع عليه ، فقال القاضي : له الرد أيضا ; لدفع الضرر اللاحق بالمشتري ، والضرر واجب الدفع ، سواء قصد أو لم يقصد ، فأشبه العيب . ويحتمل أن لا يثبت الخيار لحمرة وجهها بخجل أو تعب ; لأنه يحتمل ذلك ، فيتعين ظنه من خلقته الأصلية طمعا ، فأشبه سواد أنامل العبد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية