الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دبر ]

                                                          دبر : الدبر والدبر : نقيض القبل .

                                                          ودبر كل شيء : عقبه ومؤخره ; وجمعهما أدبار .

                                                          ودبر كل شيء : خلاف قبله في كل شيء ما خلا قولهم : جعل فلان قولك دبر أذنه خلف أذنه .

                                                          الجوهري : الدبر والدبر خلاف القبل ، ودبر الشهر : آخره ، على المثل ; يقال : جئتك دبر الشهر وفي دبره وعلى دبره ، والجمع من كل ذلك أدبار ; يقال : جئتك أدبار الشهر وفي أدباره .

                                                          والأدبار لذوات الحوافر والظلف والمخلب : ما يجمع الاست والحياء ، وخص بعضهم به ذوات الخف ، والحياء من كل ذلك وحده دبر .

                                                          ودبر البيت : مؤخره وزاويته .

                                                          وإدبار النجوم : تواليها ، وأدبارها : أخذها إلى الغرب للغروب آخر الليل ; هذه حكاية أهل اللغة .

                                                          قال ابن سيده : ولا أدري كيف هذا لأن الأدبار لا يكون الأخذ إذ الأخذ مصدر ، والأدبار أسماء .

                                                          وأدبار السجود وإدباره : أواخر الصلوات ، وقد قرئ : وأدبار وإدبار ، فمن قرأ وأدبار فمن باب خلف ووراء ، ومن قرأ وإدبار فمن باب خفوق النجم .

                                                          قال ثعلب في قوله تعالى : وإدبار النجوم ، وأدبار السجود ; قال الكسائي : إدبار النجوم أن لها دبرا واحدا في وقت السحر ، وأدبار السجود لأن مع كل سجدة إدبارا .

                                                          التهذيب : من قرأ ( وأدبار السجود ) بفتح الألف ، جمع على دبر وأدبار ، وهما الركعتان بعد المغرب ، روي ذلك عن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه ، قال : وأما قوله وإدبار النجوم في سورة الطور فهما الركعتان قبل الفجر ، قال : ويكسران جميعا وينصبان ; جائزان .

                                                          ودبره يدبره دبورا : تبعه من ورائه .

                                                          ودابر الشيء : آخره . الشيباني : الدابرة آخر الرمل .

                                                          وقطع الله دابرهم أي آخر من بقي منهم .

                                                          وفي التنزيل : فقطع دابر القوم الذين ظلموا ; أي استؤصل آخرهم ; ودابرة الشيء : كدابره .

                                                          وقال الله تعالى في موضع آخر : وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين . قولهم : قطع الله دابره ; قال الأصمعي وغيره : الدابر الأصل أي أذهب الله أصله ; وأنشد لوعلة :


                                                          فدى لكما رجلي أمي وخالتي غداة الكلاب إذ تحز الدوابر

                                                          .

                                                          أي يقتل القوم فتذهب أصولهم ولا يبقى لهم أثر .

                                                          وقال ابن بزرج : دابر الأمر آخره ، وهو على هذا كأنه يدعو عليه بانقطاع العقب حتى لا يبقى أحد يخلفه .

                                                          الجوهري : ودبر الأمر ودبره آخره ; قال الكميت :


                                                          أعهدك من أولى الشبيبة تطلب     على دبر هيهات شأو مغرب

                                                          وفي حديث الدعاء : وابعث عليهم بأسا تقطع به دابرهم ; أي جميعهم حتى لا يبقى منهم أحد .

                                                          ودابر القوم : آخر من يبقى منهم ويجيء في آخرهم .

                                                          وفي الحديث : أيما مسلم خلف غازيا في دابرته ; أي من يبقى بعده .

                                                          وفي حديث عمر : كنت أرجو أن يعيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يدبرنا أي يخلفنا بعد موتنا . يقال : دبرت الرجل إذا بقيت بعده .

                                                          وعقب الرجل : دابره .

                                                          والدبر والدبر : الظهر .

                                                          وقوله تعالى : سيهزم الجمع ويولون الدبر ; جعله للجماعة ، كما قال تعالى : لا يرتد إليهم طرفهم .

                                                          قال الفراء : كان هذا يوم بدر ، وقال الدبر فوحد ولم يقل الأدبار ، وكل جائز صواب .

                                                          تقول : ضربنا منهم الرؤوس وضربنا منهم الرأس ، كما تقول : فلان كثير الدينار والدرهم ; وقال ابن مقبل :


                                                          الكاسرين القنا في عورة الدبر

                                                          ودابرة الحافر : مؤخره ، وقيل : هي التي تلي مؤخر الرسغ ، وجمعها الدوابر .

                                                          الجوهري : دابرة الحافر ما حاذى موضع الرسغ ، ودابرة الإنسان عرقوبه ; قال وعلة : إذ تحز الدوابر . ابن الأعرابي : الدابرة المشؤومة ، والدابرة الهزيمة .

                                                          والدبرة ، بالإسكان والتحريك : الهزيمة في القتال ، وهو اسم من الإدبار .

                                                          ويقال : جعل الله عليهم الدبرة ، أي الهزيمة ، وجعل لهم الدبرة على فلان أي الظفر والنصرة .

                                                          وقال أبو جهل لابن مسعود يوم بدر وهو مثبت جريح صريع : لمن الدبرة ؟ فقال : لله ولرسوله يا عدو الله ; قوله لمن الدبرة أي لمن الدولة والظفر ، [ ص: 210 ] وتفتح الباء وتسكن ; ويقال : على من الدبرة أيضا أي الهزيمة .

                                                          والدابرة : ضرب من الشغزبية في الصراع .

                                                          والدابرة : صيصية الديك . ابن سيده : دابرة الطائر الأصبع التي من وراء رجله وبها يضرب البازي ، وهي للديك أسفل من الصيصية يطأ بها .

                                                          وجاء دبريا أي أخيرا .

                                                          وفلان لا يصلي الصلاة إلا دبريا ، بالفتح ، أي في آخر وقتها ; وفي المحكم : أي أخيرا ; رواه أبو عبيد عن الأصمعي ، قال : والمحدثون يقولون دبريا ، بالضم ، أي في آخر وقتها ; وقال أبو الهيثم : دبريا ، بفتح الدال وإسكان الباء .

                                                          وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة : رجل أتى الصلاة دبارا ، ورجل اعتبد محررا ، ورجل أم قوما هم له كارهون .

                                                          قال الإفريقي راوي هذا الحديث : معنى قوله دبارا أي بعدما يفوت الوقت .

                                                          وفي حديث أبي هريرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن للمنافقين علامات يعرفون بها : تحيتهم لعنة ، وطعامهم نهبة ، لا يقربون المساجد إلا هجرا ، ولا يأتون الصلاة إلا دبرا ، مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون ، خشب بالليل ، صخب بالنهار .

                                                          قال ابن الأعرابي : قوله دبارا في الحديث الأول جمع دبر ودبر ، وهو آخر أوقات الشيء الصلاة وغيرها ; قال : ومنه الحديث الآخر لا يأتي الصلاة إلا دبرا ، يروى بالضم والفتح ، وهو منصوب على الظرف ; وفي حديث آخر : لا يأتي الصلاة إلا دبريا ، بفتح الباء وسكونها ، وهو منسوب إلى الدبر آخر الشيء ، وفتح الباء من تغييرات النسب ، ونصبه على الحال من فاعل يأتي .

                                                          قال : والعرب تقول العلم قبلي وليس بالدبري ; قال أبو العباس : معناه أن العالم المتقن يجيبك سريعا والمتخلف يقول لي فيها نظر .

                                                          ابن سيده : تبعت صاحبي دبريا إذا كنت معه فتخلفت عنه ثم تبعته وأنت تحذر أن يفوتك .

                                                          ودبره يدبره ويدبره : تلا دبره .

                                                          والدابر : التابع .

                                                          وجاء يدبرهم أي يتبعهم ، وهو من ذلك .

                                                          وأدبر إدبارا ودبرا : ولى ; عن كراع .

                                                          والصحيح أن الإدبار المصدر والدبر الاسم .

                                                          وأدبر أمر القوم : ولى لفساد .

                                                          وقول الله تعالى : ثم وليتم مدبرين ; هذا حال مؤكدة لأنه قد علم أن مع كل تولية إدبارا فقال مدبرين مؤكدا ; ومثله قول ابن دارة :


                                                          أنا ابن دارة معروفا لها نسبي     وهل بدارة يا للناس من عار ؟

                                                          قال ابن سيده : كذا أنشده ابن جني لها نسبي وقال لها يعني النسبة ، قال : وروايتي له نسبي .

                                                          والمدبرة : الإدبار ; أنشد ثعلب :


                                                          هذا يصاديك إقبالا بمدبرة     وذا يناديك إدبارا بإدبار

                                                          ودبر بالشيء : ذهب به .

                                                          ودبر الرجل : ولى وشيخ ; ومنه قوله تعالى : والليل إذا دبر ; أي تبع النهار قبله ، وقرأ ابن عباس ومجاهد : والليل إذ أدبر ، وقرأها كثير من الناس : والليل إذا دبر .

                                                          وقال الفراء : هما لغتان : دبر النهار وأدبر ، ودبر الصيف وأدبر ، وكذلك قبل وأقبل ، فإذا قالوا أقبل الراكب أو أدبر لم يقولوا إلا بالألف .

                                                          قال : وإنهما عندي في المعنى لواحد لا أبعد أن يأتي في الرجال ما أتى في الأزمنة ، وقيل : معنى قوله : والليل إذا دبر ، جاء بعد النهار ، كما تقول خلف .

                                                          يقال : دبرني فلان وخلفني أي جاء بعدي ، ومن قرأ : والليل إذا أدبر ; فمعناه ولى ليذهب .

                                                          ودابر العيش : آخره ; قال معقل بن خويلد الهذلي :


                                                          وما عريت ذا الحيات     إلا لأقطع دابر العيش الحباب

                                                          وذا الحيات : اسم سيفه .

                                                          ودابر العيش : آخره ; يقول : ما عريته إلا لأقتلك .

                                                          ودبر النهار وأدبر : ذهب .

                                                          وأمس الدابر : الذاهب ; وقالوا : مضى أمس الدابر وأمس المدبر ، وهذا من التطوع المشام للتأكيد لأن اليوم إذا قيل فيه أمس فمعلوم أنه دبر ، لكنه أكده بقوله الدابر كما بينا ; قال الشاعر :


                                                          وأبي الذي ترك الملوك وجمعهم     بصهاب هامدة كأمس الدابر

                                                          وقال صخر بن عمرو الشريد السلمي :


                                                          ولقد قتلتكم ثناء وموحدا     وتركت مرة مثل أمس الدابر

                                                          ويروى المدبر . قال ابن بري : والصحيح في إنشاده مثل أمس المدبر ; قال : وكذلك أنشده أبو عبيدة في مقاتل الفرسان ; وأنشد قبله :


                                                          ولقد دفعت إلى دريد طعنة     نجلاء تزغل مثل عط المنحر

                                                          تزغل : تخرج الدم قطعا قطعا .

                                                          والعط : الشق .

                                                          والنجلاء : الواسعة .

                                                          ويقال : هيهات ، ذهب فلان كما ذهب أمس الدابر ، وهو الماضي لا يرجع أبدا .

                                                          ورجل خاسر دابر إتباع ، وسيأتي خاسر دابر ، ويقال خاسر دامر ، على البدل ، وإن لم يلزم أن يكون بدلا .

                                                          واستدبره : أتاه من ورائه ; وقول الأعشى يصف الخمر أنشده أبو عبيدة :


                                                          تمززتها غير مستدبر     على الشرب أو منكر ما علم

                                                          قال : قوله غير مستدبر فسر غير مستأثر ، وإنما قيل للمستأثر مستدبر لأنه إذا استأثر بشربها استدبر عنهم ولم يستقبلهم لأنه يشربها دونهم ويولي عنهم .

                                                          والدابر من القداح : خلاف القابل ، وصاحبه مدابر ; قال صخر الغي الهذلي يصف ماء ورده :


                                                          فخضخضت صفني في جمه     خياض المدابر قدحا عطوفا

                                                          المدابر : المقمور في الميسر ، وقيل : هو الذي قمر مرة بعد مرة فيعاود ليقمر ; وقال الأصمعي : المدابر المولي المعرض عن صاحبه ; وقال أبو عبيد : المدابر الذي يضرب بالقداح .

                                                          ودابرت فلانا : عاديته .

                                                          وقولهم : ما يعرف قبيله من دبيره ، وفلان ما يدري قبيلا من دبير ; المعنى ما يدري شيئا .

                                                          وقال الليث : القبيل فتل القطن ، والدبير : فتل الكتان والصوف .

                                                          ويقال : القبيل ما وليك والدبير ما خالفك . ابن الأعرابي : أدبر الرجل إذا عرف دبيره من قبيله .

                                                          قال الأصمعي : القبيل ما أقبل من الفاتل إلى حقوه ، والدبير ما أدبر به الفاتل إلى [ ص: 211 ] ركبته .

                                                          وقال المفضل : القبيل فوز القدح في القمار ، والدبير خيبة القدح .

                                                          وقال الشيباني : القبيل طاعة الرب والدبير معصيته . الصحاح : الدبير ما أدبرت به المرأة من غزلها حين تفتله .

                                                          قال يعقوب : القبيل ما أقبلت به إلى صدرك ، والدبير ما أدبرت به عن صدرك . يقال : فلان ما يعرف قبيلا من دبير ، وسنذكر من ذلك أشياء في ترجمة قبل ، إن شاء الله تعالى .

                                                          والدبرة : خلاف القبلة ; يقال : فلان ما له قبلة ولا دبرة إذا لم يهتد لجهة أمره ، وليس لهذا الأمر قبلة ولا دبرة إذا لم يعرف وجهه ; ويقال : قبح الله ما قبل منه وما دبر .

                                                          وأدبر الرجل : جعله وراءه .

                                                          ودبر السهم أي خرج من الهدف .

                                                          وفي المحكم : دبر السهم الهدف يدبره دبرا ودبورا جاوزه وسقط وراءه .

                                                          والدابر من السهام : الذي يخرج من الهدف . ابن الأعرابي : دبر رد ، ودبر تأخر ، وأدبر إذا انقلبت فتلة أذن الناقة إذا نحرت إلى ناحية القفا ، وأقبل إذا صارت هذه الفتلة إلى ناحية الوجه .

                                                          والدبران : نجم بين الثريا والجوزاء ويقال له التابع والتويبع ، وهو من منازل القمر ، سمي دبرانا لأنه يدبر الثريا أي يتبعها .

                                                          ابن سيده : الدبران نجم يدبر الثريا ، لزمته الألف واللام لأنهم جعلوه الشيء بعينه .

                                                          قال سيبويه : فإن قيل : أيقال لكل شيء صار خلف شيء دبران ؟ فإنك قائل له : لا ، ولكن هذا بمنزلة العدل والعديل ، وهذا الضرب كثير أو معتاد .

                                                          الجوهري : الدبران خمسة كواكب من الثور يقال إنه سنامه ، وهو من منازل القمر .

                                                          وجعلت الكلام دبر أذني وكلامه دبر أذني أي خلفي لم أعبأ به ، وتصاممت عنه وأغضيت عنه ولم ألتفت إليه ، قال :


                                                          يداها كأوب الماتحين إذا مشت     ورجل تلت دبر اليدين طروح

                                                          وقالوا : إذا رأيت الثريا تدبر فشهر نتاج وشهر مطر ، أي إذا بدأت للغروب مع المغرب فذلك وقت المطر ووقت نتاج الإبل .

                                                          وإذا رأيت الشعرى تقبل فمجد فتى ومجد حمل ، أي إذا رأيت الشعرى مع المغرب فذلك صميم القر ، فلا يصبر على القرى وفعل الخير في ذلك الوقت غير الفتى الكريم الماجد الحر .

                                                          وقوله : ومجد حمل أي لا يحمل فيه الثقل إلا الجمل الشديد لأن الجمال تهزل في ذلك الوقت وتقل المراعي .

                                                          والدبور : ريح تأتي من دبر الكعبة مما يذهب نحو المشرق ، وقيل : هي التي تأتي من خلفك إذا وقفت في القبلة .

                                                          التهذيب : والدبور ، بالفتح ، الريح التي تقابل الصبا والقبول ، وهي ريح تهب من نحو المغرب ، والصبا تقابلها من ناحية المشرق ; قال ابن الأثير : وقول من قال سميت به لأنها تأتي من دبر الكعبة ليس بشيء .

                                                          ودبرت الريح أي تحولت دبورا ; وقال ابن الأعرابي : مهب الدبور من مسقط النسر الطائر إلى مطلع سهيل من التذكرة ، يكون اسما وصفة ، فمن الصفة قول الأعشى :


                                                          لها زجل كحفيف الحصا     د صادف بالليل ريحا دبورا

                                                          ومن الاسم قوله أنشده سيبويه لرجل من باهلة :


                                                          ريح الدبور مع الشمال وتارة     رهم الربيع وصائب التهتان

                                                          قال : وكونها صفة أكثر ، والجمع دبر ودبائر ، وقد دبرت تدبر دبورا .

                                                          ودبر القوم ، على ما لم يسم فاعله ، فهو مدبورون : أصابتهم ريح الدبور ; وأدبروا : دخلوا في الدبور ، وكذلك سائر الرياح .

                                                          وفي الحديث : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور .

                                                          ورجل أدابر : للذي يقطع رحمه مثل أباتر .

                                                          وفي حديث أبي هريرة : إذا زوقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدبار عليكم ، بالفتح ، أي الهلاك .

                                                          ورجل أدابر : لا يقبل قول أحد ولا يلوي على شيء . قال السيرافي : وحكى سيبويه : أدابرا في الأسماء ولم يفسره أحد على أنه اسم ، لكنه قد قرنه بأحامر وأجارد ، وهما موضعان ، فعسى أن يكون أدابر موضعا .

                                                          قال الأزهري : ورجل أباتر يبتر رحمه فيقطعها ، ورجل أخايل وهو المختال .

                                                          وأذن مدابرة : قطعت من خلفها وشقت .

                                                          وناقة مدابرة : شقت من قبل قفاها ، وقيل : هو أن يقرض منها قرضة من جانبها مما يلي قفاها ، وكذلك الشاة .

                                                          وناقة ذات إقبالة وإدبارة إذا شق مقدم أذنها ومؤخرها وفتلت كأنها زنمة ; وذكر الأزهري ذلك في الشاة أيضا .

                                                          والإدبار : نقيض الإقبال ; والاستدبار : خلاف الاستقبال .

                                                          ورجل مقابل ومدابر : محض من أبويه كريم الطرفين .

                                                          وفلان مستدبر المجد مستقبل أي كريم أول مجده وآخره ; قال الأصمعي : وذلك من الإقبالة والإدبارة ، وهو شق في الأذن ثم يفتل ذلك ، فإذا أقبل به فهو الإقبالة ، وإذا أدبر به فهو الإدبارة ، والجلدة المعلقة من الأذن هي الإقبالة والإدبارة كأنها زنمة ، والشاة مدابرة ومقابلة ، وقد أدبرتها وقابلتها .

                                                          وناقة ذات إقبالة وإدبارة وناقة مقابلة مدابرة أي كريمة الطرفين من قبل أبيها وأمها .

                                                          وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يضحى بمقابلة أو مدابرة ; قال الأصمعي : المقابلة أن يقطع من طرف أذنها شيء ثم يترك معلقا لا يبين كأنه زنمة ; ويقال لمثل ذلك من الإبل : المزنم ، ويسمى ذلك المعلق الرعل .

                                                          والمدابرة : أن يفعل ذلك بمؤخر الأذن من الشاة ; قال الأصمعي : وكذلك إن بان ذلك من الأذن فهي مقابلة ومدابرة بعد أن كان قطع .

                                                          والمدابر من المنازل : خلاف المقابل .

                                                          وتدابر القوم : تعادوا وتقاطعوا ، وقيل : لا يكون ذلك إلا في بني الأب .

                                                          وفي الحديث : قال النبي - صلى الله عليه وسلم : لا تدابروا ولا تقاطعوا ; قال أبو عبيد : التدابر المصارمة والهجران ، مأخوذ من أن يولي الرجل صاحبه دبره وقفاه ويعرض عنه بوجهه ويهجره ; وأنشد :


                                                          أأوصى أبو قيس بأن تتواصلوا     وأوصى أبوكم ويحكم أن تدابروا ؟

                                                          ودبر القوم يدبرون دبارا : هلكوا .

                                                          وأدبروا إذا ولى أمرهم إلى آخره فلم يبق منهم باقية .

                                                          ويقال : عليه الدبار أي العفاء إذا دعوا عليه بأن يدبر فلا يرجع ; ومثله : عليه العفاء أي الدروس والهلاك .

                                                          وقال الأصمعي : الدبار الهلاك ، بالفتح ، مثل الدمار .

                                                          والدبرة : نقيض الدولة ، فالدولة في الخير والدبرة في الشر . يقال : جعل الله عليه [ ص: 212 ] الدبرة ، قال ابن سيده : وهذا أحسن ما رأيته في شرح الدبرة ; وقيل : الدبرة العاقبة .

                                                          ودبر الأمر وتدبره : نظر في عاقبته ، واستدبره : رأى في عاقبته ما لم ير في صدره ; وعرف الأمر تدبرا أي بأخرة ; قال جرير :


                                                          ولا تتقون الشر حتى يصيبكم     ولا تعرفون الأمر إلا تدبرا

                                                          والتدبير في الأمر : أن تنظر إلى ما تئول إليه عاقبته ، والتدبر : التفكر فيه .

                                                          وفلان ما يدري قبال الأمر من دباره أي أوله من آخره .

                                                          ويقال : إن فلانا لو استقبل من أمره ما استدبره لهدي لوجهة أمره أي لو علم في بدء أمره ما علمه في آخره لاسترشد لأمره .

                                                          وقال أكثم بن صيفي لبنيه : يا بني لا تتدبروا أعجاز أمور قد ولت صدورها .

                                                          والتدبير : أن يتدبر الرجل أمره ويدبره أي ينظر في عواقبه .

                                                          والتدبير : أن يعتق الرجل عبده عن دبر ، وهو أن يعتق بعد موته ، فيقول : أنت حر بعد موتي ، وهو مدبر ; وفي الحديث : إن فلانا أعتق غلاما له عن دبر ; أي بعد موته .

                                                          ودبرت العبد إذا علقت عتقه بموتك ، وهو التدبير أي أنه يعتق بعدما يدبره سيده ويموت .

                                                          ودبر العبد : أعتقه بعد الموت .

                                                          ودبر الحديث عنه : رواه .

                                                          ويقال : دبرت الحديث عن فلان حدثت به عنه بعد موته ، وهو يدبر حديث فلان أي يرويه .

                                                          ودبرت الحديث أي حدثت به عن غيري . قال شمر : دبرت الحديث ليس بمعروف ; قال الأزهري : وقد جاء في الحديث : أما سمعته من معاذ يدبره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟ أي يحدث به عنه ; وقال : إنما هو يذبره ، بالذال المعجمة والباء ، أي يتقنه .

                                                          وقال الزجاج : الذبر القراءة ، وأما أبو عبيد فإن أصحابه رووا عنه يدبره كما ترى ، وروى الأزهري بسنده إلى سلام بن مسكين قال : سمعت قتادة يحدث عن فلان ، يرويه عن أبي الدرداء ، يدبره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما شرقت شمس قط إلا بجنبيها ملكان يناديان أنهما يسمعان الخلائق غير الثقلين الجن والإنس ، ألا هلموا إلى ربكم فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، اللهم عجل لمنفق خلفا وعجل لممسك تلفا .

                                                          ابن سيده : ودبر الكتاب يدبره دبرا كتبه ; عن كراع ، قال : والمعروف ذبره ولم يقل دبره إلا هو .

                                                          والرأي الدبري : الذي يمعن النظر فيه ، وكذلك الجواب الدبري ; يقال : شر الرأي الدبري وهو الذي يسنح أخيرا عند فوت الحاجة ، أي شره إذا أدبر الأمر وفات .

                                                          والدبرة ، بالتحريك : قرحة الدابة والبعير ، والجمع دبر وأدبار مثل شجرة وشجر وأشجار .

                                                          ودبر البعير ، بالكسر ، يدبر دبرا ، فهو دبر وأدبر ، والأنثى دبرة ودبراء ، وإبل دبرى وقد أدبرها الحمل والقتب ، وأدبرت البعير فدبر ; وأدبر الرجل إذا دبر بعيره ، وأنقب إذا حفي خف بعيره .

                                                          وفي حديث ابن عباس : كانوا يقولون في الجاهلية إذا برأ الدبر وعفا الأثر ; الدبر ، بالتحريك : الجرح الذي يكون في ظهر الدابة ، وقيل : هو أن يقرح خف البعير .

                                                          وفي حديث عمر : قال لامرأة أدبرت وأنقبت ; أي دبر بعيرك وحفي .

                                                          وفي حديث قيس بن عاصم : إني لأفقر البكر الضرع والناب المدبر ; أي التي أدبر خيرها .

                                                          والأدبر : لقب حجر بن عدي نبز به لأن السلاح أدبر ظهره ، وقيل : سمي به لأنه طعن موليا ; ودبير الأسدي ؛ منه كأنه تصغير أدبر مرخما .

                                                          والدبرة : الساقية بين المزارع ، وقيل : هي المشارة في المزرعة ، وهي بالفارسية كرده ، وجمعها دبر ودبار ; قال بشر بن أبي خازم :


                                                          تحدر ماء البئر عن جرشية     على جربة يعلو الدبار غروبها

                                                          وقيل : الدبار الكرد من المزرعة ، واحدتها دبارة .

                                                          والدبرة : الكردة من المزرعة ، والجمع الدبار .

                                                          والدبارات : الأنهار الصغار التي تتفجر في أرض الزرع ، واحدتها دبرة ; قال ابن سيده : ولا أعرف كيف هذا إلا أن يكون جمع دبرة على دبار ثم ألحقت الهاء للجمع ، كما قالوا الفحالة ثم جمع الجمع جمع السلامة .

                                                          وقال أبو حنيفة : الدبرة البقعة من الأرض تزرع ، والجمع دبار .

                                                          والدبر والدبر : المال الكثير الذي لا يحصى كثرة ، واحده وجمعه سواء ; يقال : مال دبر ومالان دبر وأموال دبر .

                                                          قال ابن سيده : هذا الأعرف ، قال : وقد كسر على دبور ، ومثله مال دثر . الفراء : الدبر والدبر الكثير من الضيعة والمال ، يقال : رجل كثير الدبر إذا كان فاشي الضيعة ، ورجل ذو دبر كثير الضيعة والمال ; حكاه أبو عبيد عن أبي زيد .

                                                          والمدبور : المجروح .

                                                          والمدبور : الكثير المال .

                                                          والدبر ، بالفتح : النحل والزنابير ، وقيل : هو من النحل ما لا يأري ، ولا واحد لها ، وقيل : واحدته دبرة ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وهبته من وثبى ممطره     مصرورة الحقوين مثل الدبره

                                                          وجمع الدبر أدبر ودبور ; قال زيد الخيل

                                                          [ والصواب قال لبيد ] .


                                                          بأبيض من أبكار مزن سحابة     وأري دبور شاره النحل عاسل

                                                          أراد : شاره من النحل ; وفي الصحاح قال لبيد :


                                                          بأشهب من أبكار مزن سحابة     وأري دبور شاره النحل عاسل

                                                          قال ابن بري يصف خمرا مزجت بماء أبيض ، وهو الأشهب .

                                                          وأبكار : جمع بكر .

                                                          والمزن : السحاب الأبيض ، الواحدة مزنة .

                                                          والأري : العسل .

                                                          وشاره : جناه ، والنحل منصوب بإسقاط من أي جناه من النحل عاسل ; وقبله :


                                                          عتيق سلافات سبتها سفينة     يكر عليها بالمزاج النياطل

                                                          والنياطل : مكاييل الخمر . قال ابن سيده : ويجوز أن يكون الدبور جمع دبرة كصخرة وصخور ، ومأنة ومئون . والدبور ، بفتح الدال : النحل ، لا واحد لها من لفظها ، ويقال للزنابير أيضا دبر .

                                                          وحمي الدبر : عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح الأنصاري من أصحاب سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصيب يوم أحد فمنعت النحل الكفار منه ، وذلك أن المشركين لما قتلوه أرادوا أن يمثلوا به فسلط الله - عز وجل - عليهم الزنابير الكبار تأبر الدارع فارتدعوا عنه حتى أخذه المسلمون فدفنوه .

                                                          وقال أبو حنيفة : الدبر النحل ، بالكسر ، كالدبر ; وقول أبي ذؤيب :

                                                          [ ص: 213 ]

                                                          بأسفل ذات الدبر أفرد خشفها     وقد طردت يومين فهي خلوج

                                                          عنى شعبة فيها دبر ، ويروى : وقد ولهت .

                                                          والدبر والدبر أيضا أولاد الجراد ; عنه .

                                                          وروى الأزهري بسنده عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال : الخافقان ما بين مطلع الشمس إلى مغربها .

                                                          والدبر : الزنابير ; قال : ومن قال النحل فقد أخطأ ; وأنشد لامرأة قالت لزوجها :


                                                          إذا لسعته النحل لم يخش لسعها     وخالفها في بيت نوب عوامل

                                                          شبه خروجها ودخولها بالنوائب . قال الأصمعي : الجماعة من النحل يقال لها الثول ، قال : وهو الدبر والخشرم ، ولا واحد لشيء من هذا ; قال الأزهري : وهذا هو الصواب لا ما قال مصعب .

                                                          وفي الحديث : فأرسل الله عليهم مثل الظلة من الدبر ; هو بسكون الباء النحل ، وقيل : الزنابير .

                                                          والظلة : السحاب .

                                                          وفي حديث بعض النساء : جاءت إلى أمها وهي صغير تبكي فقالت لها : ما لك ؟ فقالت : مرت بي دبيرة فلسعتني بأبيرة ; هو تصغير الدبرة النحلة .

                                                          والدبر : رقاد كل ساعة ، وهو نحو التسبيخ .

                                                          والدبر : الموت .

                                                          ودابر الرجل : مات ; عن اللحياني ; وأنشد لأمية بن أبي الصلت :


                                                          زعم ابن جدعان بن عم     رو أنني يوما مدابر
                                                          ومسافر سفرا بعي     دا ، لا يؤوب له مسافر

                                                          وأدبر الرجل إذا مات ، وأدبر إذا تغافل عن حاجة صديقه ، وأدبر : صار له دبر ، وهو المال الكثير .

                                                          ودبار ، بالضم : ليلة الأربعاء ، وقيل : يوم الأربعاء عادية من أسمائهم القديمة ، وقال كراع : جاهلية ; وأنشد :


                                                          أرجي أن أعيش ، وأن يومي     بأول أو بأهون أو جبار
                                                          أو التالي دبار فإن أفته     فمؤنس أو عروبة أو شيار

                                                          أول : الأحد .

                                                          وشيار : السبت ، وكل منها مذكور في موضعه . ابن الأعرابي : أدبر الرجل إذا سافر في دبار .

                                                          وسئل مجاهد عن يوم النحس فقال : هو الأربعاء لا يدور في شهره .

                                                          والدبر : قطعة تغلظ في البحر كالجزيرة يعلوها الماء وينضب عنها .

                                                          وفي حديث النجاشي أنه قال : " ما أحب أن تكون دبرى لي ذهبا وأني آذيت رجلا من المسلمين " .

                                                          وفسر الدبرى بالجبل ، قال ابن الأثير : هو بالقصر اسم جبل ، قال : وفي رواية ما أحب أن لي دبرا من ذهب ; والدبر بلسانهم : الجبل ; قال : هكذا فسر ، قال : فهو في الأولى معرفة وفي الثانية نكرة ، قال : ولا أدري أعربي هو أم لا .

                                                          ودبر : موضع باليمن ، ومنه فلان الدبري .

                                                          وذات الدبر : اسم ثنية ; قال ابن الأعرابي : وقد صحفه الأصمعي فقال : ذات الدير .

                                                          ودبير : قبيلة من بني أسد .

                                                          والأديبر : دويبة .

                                                          وبنو الدبير : بطن ; قال :


                                                          وفي بني أم دبير كيس     على الطعام ما غبا غبيس

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية