الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 188 ] 242 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : الحياء من الإيمان .

1526 - حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، { عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه سمع رجلا ، يعظ أخاه في الحياء ، فقال : إن الحياء من الإيمان } .

1527 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار ، وهو يعظ أخاه في الحياء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعه فإن الحياء من الإيمان } .

[ ص: 189 ]

1528 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا القعنبي ، قال : قرأت على مالك ... ثم ذكر بإسناده مثله .

1529 - وحدثنا يزيد ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا أبي ، قال : سمعت النعمان بن راشد يحدث ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله .

فقال قائل : وكيف يكون الحياء من الإيمان ، والحياء غريزة مركبة في أهله ، والإيمان اكتساب يكتسبه أهله بأقوالهم وبأفعالهم والحياء ضد لذلك ، فكيف يكون منه ؟

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أنا وجدنا الحياء يقطع صاحبه عن ركوب المعاصي أقوالا وأفعالا ، كما يقطع الإيمان أهله عن مثل ذلك ، وإذا كان الحياء والإيمان فيما ذكرنا يعملان عملا واحدا كانا كشيء واحد ، وكان كل واحد منهما من صاحبه ، وكانت العرب تقيم الشيء مكان الشيء الذي هو مثله أو شبيهه ، ألا [ ص: 190 ] ترى أنهم قد سموا الدعاء صلاة ، ومنه قول الله عز وجل : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ، في معنى أمره إياه بالدعاء لهم ، ومنه قول الله عز وجل : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ، فسمى الله الدعاء صلاة ، إذ كان مفعولا في الصلاة ،

1530 - ومنه الحديث المروي : { إذا دعي أحدكم وهو صائم فليجب ، فإن كان مفطرا فليطعم ، وإن كان صائما فليصل } . حدثناه علي بن معبد ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، قال : حدثنا هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيما ذكرنا ما قد بان به ، أن الشيء قد يسمى باسم الشيء ، إذ كان كل واحد منهما يفعل ما يفعله الآخر منهما ، فمثل ذلك الحياء ذكر أنه من الإيمان ، إذ كان قد يكون منه ما يكون من الإيمان ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية