الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 96 ] كتاب الجنائز

                                                                                                                                                                        يستحب لكل واحد ذكر الموت .

                                                                                                                                                                        قلت : ويستحب الإكثار منه . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        ويستعد له بالتوبة ، ورد المظالم إلى أهلها ، والمريض آكد . ويستحب له الصبر على المرض ، وترك الأنين ما أطاق ، ويستحب التداوي ، ويستحب لغيره عيادته إن كان مسلما ، فإن كان ذميا له قرابة أو جوار أو نحوهما ، استحبت ، وإلا جازت ، فإن رأى العائد علامة البرء ، دعا وانصرف ، وإن رأى خلاف ذلك ، رغبه في التوبة والوصية .

                                                                                                                                                                        قلت : ويستحب للعائد أن يطيب نفس المريض ولا يطول القعود ، ولا يواصل العيادة ، بل تكون غبا ، ولا تكره العيادة في وقت إلا أن يشق على المريض . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في آداب المحتضر

                                                                                                                                                                        يستقبل به القبلة . وفي كيفيته وجهان . أحدهما : يلقى على قفاه وأخمصاه إلى القبلة . والثاني وهو الصحيح المنصوص وبه قطع العراقيون وصححه الآخرون : يضجع على جنبه [ ص: 97 ] الأيمن مستقبل القبلة كالموضوع في اللحد ، فإن لم يمكن لضيق الموضع ، أو سبب آخر ، فعلى قفاه ، ووجهه وأخمصاه إلى القبلة . ويستحب أن يلقن كلمة الشهادة ، ولا يلح الملقن ولا يواجهه بقول : قل : ( لا إله إلا الله ) بل يذكرها بين يديه ليذكر . أو يقول : ذكر الله تعالى مبارك ، فنذكر الله تعالى جميعا

                                                                                                                                                                        [ ويقول : ] ( سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ) فإذا قالها مرة لا تعاد عليه ما لم يتكلم بعدها ، ويستحب أن يلقنه غير الورثة ، فإن لم يحضر غيرهم ، لقنه أشفقهم عليه .

                                                                                                                                                                        قلت : هكذا قال الجمهور ، يلقنه كلمة الشهادة ( لا إله إلا الله ) . وذهب جماعات من أصحابنا إلى أنه يلقن أيضا : محمدا رسول الله . ممن صرح به ، القاضي أبو الطيب ، والماوردي ، وسليم الرازي ، ونصر المقدسي ، وأبو العباس الجرجاني ، والشاشي في ( المعتمد ) والأول أصح . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        ويستحب أن يقرأ عنده ( يس ) . واستحب بعض التابعين سورة ( الرعد ) أيضا . وينبغي له أن يحسن ظنه بالله تعالى ، ويستحب لمن عنده ، تحسين ظنه وتطميعه في رحمة الله تعالى . فإذا مات غمضت عيناه ، وشد لحياه بعصابة عريضة ، ويربطها فوق رأسه ، ويلين مفاصله ، فيمد ساعده إلى عضده ويرده ، ويرد ساقه إلى فخذه ، وفخذه إلى بطنه ، ويردهما ويلين أصابعه ، وينزع ثيابه التي مات فيها ، ويستر جميع بدنه بثوب خفيف ، ولا يجمع عليه أطباق الثياب ، ويجعل أطراف الثوب الساتر تحت رأسه ورجليه لئلا ينكشف ، ويوضع على بطنه شيء ثقيل ، كسيف ، أو مرآة ، أو نحوهما . فإن لم يكن ، فطين رطب ، ويصان المصحف عنه ، ويستقبل به القبلة كالمحتضر ، ويوضع على شيء مرتفع ، كسرير ونحوه ، ويتولى هذه الأمور أرفق محارمه بأسهل ما يقدر عليه .

                                                                                                                                                                        قلت : يتولاه الرجال من الرجال ، والنساء من النساء ، فإن تولاه الرجال من النساء المحارم ، أو النساء من الرجال المحارم ، جاز . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        [ ص: 98 ] ويبادر إلى قضاء دينه وتنفيذ وصيته إن تيسر في الحال .

                                                                                                                                                                        قلت : يكره تمني الموت لضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنيا ، فليقل : ( اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ) . فإن كان تمنيه مخافة فتنة في دينه فلا بأس . ويكره للمريض كثرة الشكوى ، وتكره الكراهة على تناول الدواء . ويستحب للناس أن يقولوا عند الميت خيرا . ويجوز لأهل الميت وأصدقائه تقبيل وجهه ، ثبتت فيه الأحاديث ، وصرح به الدارمي . ويكره نعيه بنعي الجاهلية ، ولا بأس بالإعلام بموته للصلاة عليه وغيرها . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية